
هومبريس – ح رزقي
في إطار سعيها لتفعيل دورها الحيوي في حماية النظام العام الإقتصادي، وجهت رئاسة النيابة العامة دورية توجيهية إلى الوكلاء العامين للملك و وكلاء الملك بالمحاكم التجارية، تدعوهم فيها إلى الإنخراط الفعّال و المسؤول في مساطر صعوبات المقاولة، باعتبار النيابة العامة طرفاً رئيسياً في هذا النوع من القضايا ذات البعد الإستراتيجي.
وأكدت الدورية على ضرورة الحضور المنتظم في الجلسات، و تقديم ملتمسات دقيقة و هادفة تروم تسوية وضعية المقاولات المتعثرة، و ضمان إستمرارية نشاطها و أداء التزاماتها تجاه الدائنين، مع الإلتزام بمضامين الدوريتين السابقتين لسنتي 2018 و2020، اللتين أرستا أسس تدخل النيابة العامة في هذا المجال.
كما شددت على أهمية التفاعل الإستباقي مع الملفات، من خلال الدراسة القبلية للملفات المدرجة، وتقديم طلبات تمديد المسطرة عند الإقتضاء، و تفعيل العقوبات المدنية و سقوط الأهلية التجارية في حق المسيرين المخالفين، وفقاً لمقتضيات مدونة التجارة.
وتُبرز هذه التوجيهات التحول النوعي في وظيفة النيابة العامة، من مجرد مراقب قانوني إلى فاعل مؤسساتي يواكب المقاولة في لحظات أزمتها، و يُسهم في إعادة هيكلتها بدل الدفع بها نحو التصفية.
كما دعت الدورية إلى إعداد تقارير مفصلة حول الأفعال التي قد تُشكّل جرائم التفالس أو غيرها من الجرائم المنصوص عليها في الكتاب الخامس من مدونة التجارة، مع إحالتها على النيابة العامة المختصة لإتخاذ ما يلزم من إجراءات قانونية.
من جهة أخرى، أوصت رئاسة النيابة العامة بالسهر على تتبع أداء سنديك المسطرة، و التدخل لطلب إستبداله في حال إرتكابه إخلالات قانونية، مع ممارسة الطعن بالإستئناف في القرارات المتعلقة بتعيينه أو تغيير صلاحياته أو تمديد أجل إعداد تقرير الموازنة المالية و الإقتصادية و الإجتماعية للمقاولة.
وتُعد هذه الدورية خطوة متقدمة نحو ترسيخ قضاء إقتصادي ناجع، يُوازن بين حماية حقوق الدائنين و ضمان إستمرارية المقاولات، بما يُعزز جاذبية مناخ الأعمال و يُطمئن المستثمرين المحليين و الدوليين.
كما تعكس هذه المبادرة وعي المؤسسة القضائية بأهمية التفاعل مع التحولات الإقتصادية، و ضرورة تطوير أدواتها القانونية لمواكبة التحديات التي تواجه المقاولات، خاصة في ظل الأزمات المالية أو البنيوية.
وفي ختام الدورية، شددت رئاسة النيابة العامة على ضرورة موافاتها بتقارير دورية حول نتائج التفعيل العملي لهذه التوجيهات، مع رصد الصعوبات المحتملة و اقتراح الحلول الكفيلة بتجاوزها، بما يُسهم في الرفع من النجاعة القضائية و تحقيق الأمن القانوني و الإقتصادي.