الرئيسية

إقليم ميدلت.. المركز المغربي لحقوق الإنسان يدخل على خط فاجعة أغبالو نسردان و يُطالب بتحقيق عاجل

هومبريسم أبراغ 

في مشهد مأساوي يُمزّق نياط القلب و يُدوّي في الضمير الجماعي، عُثر مؤخراً بدوار أيت زعرور، التابع لجماعة أغبالو نسرادن بإقليم ميدلت، على جثة الطفل القاصر “محمد”، الذي لم يُكمل عامه الخامس عشر، معلّقة تحت أعمدة خشبية في وضعية غامضة و مريبة تُثير العديد من علامات الإستفهام و القلق.

هذه الحادثة، التي وُصفت بأنها “تهز الضمير الإنساني و الوطني”، فجّرت موجة من الغضب الشعبي و الحقوقي، وسط مطالب متصاعدة و ملحّة بكشف الحقيقة كاملة دون مواربة أو تأخير، و محاسبة كل من له صلة محتملة بهذه الفاجعة.

المكتب التنفيذي للمركز المغربي لحقوق الإنسان بميدلت، و في بيان شديد اللهجة و مشحون بالأسى، عبّر عن صدمته العميقة و استنكاره الشديد إزاء هذه الواقعة المؤلمة، مستنداً إلى شهادة مؤثرة لوالدة الطفل، تداولها الرأي العام عبر تسجيل مرئي، أكدت فيه أن ابنها كان يشتغل راعياً للأغنام في منطقة جبلية نائية، في ظروف معيشية قاسية تُجسّد واقعاً مريراً من الفقر المدقع و التهميش البنيوي و غياب أبسط مقومات الكرامة و العيش الكريم.

البيان شدد على أن إصرار الأم على استبعاد فرضية الإنتحار، التي تم تداولها في بداية الحادثة، يُعزّز الشكوك الجدية حول وجود شبهة جنائية، ما يجعل من فتح تحقيق شامل، نزيه، و محايد ضرورة قانونية و أخلاقية لا تقبل التأجيل أو التسويف أو التعتيم.

كما اعتبر المركز أن الطفل محمد، الذي كان من المفترض أن يكون على مقاعد الدراسة، لا خلف قطعان الأغنام، يُجسّد صورة موجعة من صور استلاب الطفولة و إغتيال البراءة، رغم الميزانيات الضخمة التي تُرصد سنوياً لمحاربة الهدر المدرسي و الهشاشة الإجتماعية، والتي للأسف لا تصل إلى عمق المغرب المنسي و المهمّش.

وأعلن المكتب تضامنه الكامل و اللامشروط مع أسرة الضحية، مؤكداً مواساته الصادقة لها في هذا المصاب الجلل، و مطالباً بفتح تحقيق قضائي عاجل و مستقل لتحديد المسؤوليات و ترتيب الجزاءات القانونية في حال ثبوت شبهة إجرامية، مع ضمان إستقلالية التحقيق و شفافيته التامة.

كما استنكر المركز استمرار ظاهرة تشغيل الأطفال في ظروف إستغلالية و غير قانونية، خاصة في المناطق القروية و الهامشية، في خرق سافر للمادة 32 من الدستور المغربي، و للاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، و على رأسها إتفاقية حقوق الطفل، و إتفاقيتي منظمة العمل الدولية رقم 138 و 182.

الطفولة في المغرب العميق.. واقع مأساوي يتطلب إنقاذاً عاجلاً 

قضية الطفل محمد ليست استثناءً، بل تُسلّط الضوء على واقع آلاف الأطفال في المغرب العميق، الذين يُجبرون على مغادرة مقاعد الدراسة مبكراً، ليُزجّ بهم في سوق العمل القاسي، دون حماية قانونية أو إجتماعية أو تربوية.

وهو ما يستدعي مراجعة شاملة و جذرية للسياسات العمومية الموجهة للطفولة، و تفعيل آليات الرقابة و المحاسبة الصارمة والفعّالة، لضمان عدم الإفلات من العقاب، و ردع كل من يساهم في إستغلال الطفولة أو التستر على الإنتهاكات.

دعوة إلى تعبئة وطنية شاملة من أجل كرامة الأطفال 

المركز دعا كافة القوى الحية، من جمعيات المجتمع المدني، و الهيئات الإعلامية، و المثقفين، و الفاعلين السياسيين، إلى الإنخراط الجاد و المسؤول في الدفاع عن كرامة الأطفال، و مواكبة هذه القضية حتى تتحقق العدالة، و يُحمى كل طفل من أن يكون ضحية للحرمان أو الجريمة أو النسيان أو الإهمال المؤسسي.

“دم محمد لا يجب أن يذهب سُدى”، يقول البيان، مؤكداً التزام المركز بمواصلة تتبع هذه القضية و مثيلاتها، حتى تتحقق العدالة الكاملة للطفولة المغربية، و يُعاد الإعتبار لكل طفل حُرم من حقه في الحياة، و التعليم، و الحماية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق