
هومبريس – ع ورديني
في ظل موجة الحر الشديدة التي اجتاحت المملكة نهاية يونيو المنصرم، سجلت المنظومة الكهربائية الوطنية رقمًا قياسيًا غير مسبوق في القدرة المطلوبة، بلغ حوالي 7.9 جيغاواط، بزيادة قدرها 5٪ مقارنة بسنة 2024.
هذا الارتفاع المفاجئ يُعزى أساسًا إلى الاستعمال المكثف للمكيفات الهوائية، خاصة في المناطق الحضرية، ما أدى إلى ضغط كبير على الشبكة الكهربائية الوطنية، وسط توقعات باستمرار هذا الضغط خلال الأيام المقبلة بفعل ارتفاع درجات الحرارة المتوقعة.
وفي هذا السياق، أكدت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، أن الحكومة اتخذت إجراءات عملية لضبط السوق الوطنية لأجهزة التكييف، من خلال توقيع قرار مشترك في شتنبر 2024 مع وزارة الصناعة والتجارة، يهدف إلى تحديد الحد الأدنى للأداء الطاقي، وإلزامية العنونة الطاقية للمكيفات، لضمان نجاعة استهلاك الطاقة وتقليص الفاتورة الطاقية للمواطنين.
كما شمل القرار تحديد معايير الأداء الطاقي للمباني، مع ضرورة تحيينها بانتظام لمواكبة التغيرات المناخية المتسارعة.
في المناطق الجبلية والقروية، تعمل الوزارة بشراكة مع الوكالة المغربية للنجاعة الطاقية على تشجيع العودة إلى استعمال مواد البناء المحلية والتقليدية، لما لها من قدرة طبيعية على ضبط درجات الحرارة داخل المباني.
وقد أظهرت الدراسات أن البنايات النموذجية المستوحاة من الجدار الحجري المحصور تحافظ على حرارة معتدلة تتراوح بين 15 و25 درجة مئوية، حتى في المناطق التي تشهد حرارة خارجية مرتفعة، مما يُعد بديلاً بيئيًا واقتصاديًا فعالًا.
من جهة أخرى، يُطرح سؤال جوهري حول مدى استعداد المغرب لمواجهة تحديات الاستهلاك الطاقي في ظل التغير المناخي.
فمع تزايد الاعتماد على أجهزة التكييف، تبرز الحاجة إلى تسريع وتيرة التحول نحو الطاقات المتجددة، وتوسيع نطاق استعمال الألواح الشمسية في المباني السكنية والإدارية، وتطوير تقنيات التخزين الطاقي لضمان استقرار الشبكة في فترات الذروة.
كما يُنتظر من الفاعلين الاقتصاديين والمواطنين الانخراط في ثقافة النجاعة الطاقية، من خلال اقتناء أجهزة ذات تصنيف طاقي مرتفع، واعتماد سلوكيات استهلاك رشيدة، مثل ضبط درجات التكييف، وإطفاء الأجهزة غير الضرورية، وتحديث العزل الحراري للمباني.
فالتحدي لم يعد تقنيًا فقط، بل أصبح سلوكيًا ومجتمعيًا بامتياز، يتطلب تعبئة جماعية لضمان أمن الطاقة واستدامتها في المغرب.