
هومبريس ـ م أبراغ
في تطور سياسي لافت، حلّ الأمين العام لحزب التقدم و الإشتراكية، نبيل بنعبد الله، صبيحة يومه الخميس 17 يوليوز الجاري، بمنطقة آيت بوكماز الواقعة ضمن النفوذ الترابي لإقليم أزيلال، و ذلك عقب تنظيم “مسيرة الكرامة” التي قادتها الساكنة للمطالبة بفك العزلة و تحقيق العدالة المجالية، في مشهد احتجاجي جسّد حجم التهميش الذي تعانيه المناطق الجبلية منذ سنوات طويلة.
في هذا السياق، تُعد هذه الزيارة الأولى من نوعها منذ بروز موجة الإحتجاجات، ما منحها رمزية خاصة في التفاعل المباشر مع مطالب المواطنين، و طرح قضايا التنمية المحلية في دائرة النقاش السياسي الوطني، خاصة أن المنطقة لم تشهد من قبل أي تحرك حزبي بهذا المستوى من الحضور و الإهتمام.
من جهة أخرى، عبّر بنعبد الله، خلال لقائه بممثلين عن الساكنة، عن اهتمامه بالمطالب الإجتماعية المطروحة، داعياً إلى تكثيف التنسيق بين الفاعلين المحليين و الجهويين، من أجل تحسين ظروف العيش في المناطق الجبلية، التي تُعاني من ضعف البنيات التحتية، و غياب الخدمات الأساسية، فضلًا عن تراجع ثقة المواطنين في السياسات العمومية المتبعة.
علاوة على ذلك، اعتبر متتبعون أن زيارة الأمين العام جاءت كمؤشر إيجابي على إنخراط بعض القيادات السياسية في الاستماع المباشر لمطالب الساكنة، بعيداً عن الخطابات المركزية، لا سيما مع تصاعد الدعوات الشعبية بإنصاف المناطق النائية، و تنزيل مشاريع تنموية تُعيد الإعتبار لكرامة العيش، و تُعزّز من حضور الدولة في فضاءات الهامش.
من الخطاب الحزبي إلى الحضور الميداني
إلى جانب ذلك، تُمثل هذه الخطوة بداية تحول نوعي في تعاطي القيادات الحزبية مع قضايا الهوامش، عبر الإنتقال من الخطاب السياسي إلى الممارسة الميدانية، في إطار تفعيل أدوار التأطير و الترافع التنموي، و تكريس ثقافة القرب من المواطن.
في هذا الإطار، تُعيد زيارة آيت بوكماز طرح سؤال جوهري حول مدى إستعداد الأحزاب لتحمّل مسؤولية الإصغاء المستمر، و الإبتعاد عن منطق المناسبات الإنتخابية، من أجل بناء علاقة دائمة و متوازنة مع الساكنة، تُراكم الثقة و تُعيد الإعتبار للعمل السياسي في المناطق المهمشة.
العدالة المجالية بين المطلب و الواقع
من ناحية أخرى، تعكس المطالب التي رفعتها الساكنة، مثل (توفير طبيب قار، و تحسين التغطية الرقمية، و تعبيد الطرقات…)، حاجة ملحة إلى تدخلات تنموية مستعجلة، تُراعي خصوصية المناطق الجبلية، و تُرسّخ مبدأ الإنصاف المجالي، باعتباره مدخلاً أساسياً لتحقيق التنمية المتوازنة.
في ضوء ذلك، تُعتبر الإستجابة لهذه المطالب إختباراً حقيقياً لمدى جدّية المؤسسات المعنية في ترجمة الوعود إلى إنجازات ملموسة، و إعادة بناء جسور الثقة بين المواطن والدولة، عبر مقاربة تنموية منصفة و مستدامة، تُعزّز من حضور الدولة و تُعيد الإعتبار للعيش الكريم في فضاءات الهامش.
وتجدر الإشارة إلى أن السلطات بدأت فعلياً في الإستجابة لمطالب الساكنة، حيث تم الشروع في تنفيذ عدد من الإجراءات المستعجلة، من بينها تعيين طبيب قار بالمركز الصحي القروي (المستوى الثاني)، و إنطلاق أشغال توصيل المنطقة بشبكتي الإتصالات و الإنترنت، علاوة على تخصيص أرض لبناء ملعب لكرة القدم، في خطوة تُعد مؤشراً واعداً على بداية تفاعل مؤسسات الدولة مع نداءات الساكنة، و تعزيز آمال المواطنين في تحقيق العدالة المجالية و العيش الكريم.