
هومبريس – ي فيلال
في خطوة تُعد تحولاً جوهرياً في السياسة الجنائية المغربية، تستعد المملكة لتفعيل نظام العقوبات البديلة ابتداءً من 22 غشت المقبل، وفق مقتضيات القانون رقم 43.22.
هذا التوجه الجديد يهدف إلى تخفيف الضغط على المؤسسات السجنية، وتعزيز آليات الإدماج الاجتماعي، عبر اعتماد عقوبات غير سالبة للحرية في حالات محددة.
خلال لقاء «خميس الحماية» الشهري، الذي نظمه المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومعهد الرباط – إدريس بنزكري – لحقوق الإنسان، كشف أيوب أبو جعفر، رئيس قسم السياسة الجنائية بوزارة العدل، أن حوالي 35 ألف نزيل سيستفيدون من هذا النظام، من بينهم معتقلون احتياطياً وآخرون يقضون عقوبات حبسية، إضافة إلى 5 آلاف شخص في حالة سراح محكومين بعقوبات سالبة للحرية.
من أبرز خصائص هذا النظام الجديد، إمكانية تطبيقه حتى على الأحكام النهائية، حيث يُمنح قاضي تطبيق العقوبات صلاحية استبدال العقوبة الأصلية بعقوبة بديلة، مما يعكس مرونة تشريعية غير مسبوقة.
كما يتيح القانون للمحكمة أن تحكم بعقوبة بديلة واحدة أو أكثر، حسب طبيعة الجريمة وظروف المحكوم عليه.
فعلى سبيل المثال، يمكن استبدال حكم بالسجن ثلاث سنوات بعقوبة تجمع بين المنفعة العامة والمراقبة الإلكترونية.
ولتشجيع المحكومين على الانخراط في هذا النظام، تم اعتماد تدابير تحفيزية، أبرزها تقليص المدة اللازمة للاستفادة من رد الاعتبار، في محاولة لتجاوز إشكالية “السوابق القضائية” التي غالباً ما تُعيق إعادة الإدماج وتُغلق أبواب التشغيل والخدمات أمام السجناء السابقين.
من جهته، أوضح مولاي إدريس أكلمام، مدير العمل الاجتماعي والثقافي بالمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، أن المندوبية اختارت 58 مؤسسة سجنية من أصل 74 لتطبيق العقوبات البديلة، مع التركيز على مؤسسة واحدة في كل مدينة لتوحيد الجهود وترشيد الموارد.
كما تم تكوين 700 موظف خصيصاً لهذا الغرض، لضمان حسن تنفيذ هذه المرحلة الانتقالية.
العدالة التصالحية بدل العقاب التقليدي
هذا التحول يعكس تبني المغرب لمقاربة العدالة التصالحية، التي تركز على إصلاح الضرر وإعادة إدماج الجاني في المجتمع، بدل الاقتصار على العقاب.
العقوبات البديلة مثل الخدمة العامة أو المراقبة الإلكترونية تُعيد التوازن بين حماية المجتمع وحقوق الفرد، وتُقلل من معدلات العود إلى الجريمة.
تحديات التطبيق و إستدامة الإصلاح
رغم أهمية هذه الخطوة، فإن نجاحها يتوقف على مدى جاهزية البنية التحتية، وتكوين الموارد البشرية، وتقبل المجتمع لها.
كما أن ضمان عدم تحول العقوبات البديلة إلى امتيازات لفئات معينة يتطلب رقابة صارمة وآليات تقييم مستمرة، لضمان العدالة والمساواة في التطبيق.