الرئيسية

مشروع قانون مثير يُربك المشهد الصحفي المغربي.. هل يُقصى الإعلاميون من تغطية الأنشطة الرسمية؟

هومبريسم أبراغ 

في خطوة تشريعية مثيرة للجدل، يعمل المجلس الوطني للصحافة على إعداد مشروع قانون جديد يُعيد تنظيم شروط تغطية الأنشطة الرسمية، و يمنع منتحلي صفة الصحفيين و ناشطي مواقع التواصل الإجتماعي من ممارسة مهام التغطية، مقتصراً ذلك على الصحفيين المهنيين المعتمدين.  

هذا المشروع يأتي في سياق مراجعة شاملة للمنظومة القانونية المنظمة للصحافة، و يهدف إلى تعزيز المهنية و الحد من الفوضى الإعلامية التي باتت تقلق المؤسسات الرسمية، خاصة مع تنامي ظاهرة “الصحفيين غير المؤطرين” الذين يمارسون المهنة دون تكوين أو اعتماد.

مخاوف من الإقصاء و تهميش الصحافة الجهوية

رغم أن المشروع يُقدَّم كخطوة نحو التنظيم، عبّر عدد من المراسلين الجهويين و المحليين عن تخوفهم من الإقصاء، خاصة أنهم يتوفرون على اعتمادات مهنية صادرة عن مؤسسات إعلامية مرخصة، و يؤدون دوراً ميدانياً حيوياً في تغطية الأنشطة الرسمية، حتى في المناطق النائية.  

وطالب هؤلاء الصحفيون المجلس الوطني للصحافة بتوضيح المعايير التي سيتم اعتمادها مستقبللً لمنح صفة الصحفي المهني، مؤكدين أن التنظيم مطلوب، لكن دون المساس بمكتسبات الصحفيين العاملين خارج المركز.

هل نحن أمام تنظيم مهني أم إعادة ترتيب النفوذ؟

بحسب تحليل موقع تنوير، فإن مشروع القانون رقم 26.25 لا يكتفي بتنظيم التغطية، بل يُعيد هيكلة المجلس الوطني للصحافة، عبر تقليص عدد أعضائه من 21 إلى 17، و توزيعهم بين الصحفيين و الناشرين و ممثلي مؤسسات دستورية.  

لكن المثير للجدل هو اعتماد معايير إقتصادية لتمثيلية الناشرين، مثل رقم المعاملات وعدد المستخدمين، ما يُقصي الصحافة المستقلة و الصغيرة، و يُكرّس هيمنة المؤسسات الإعلامية الكبرى المتحالفة مع السلطة و المال.  

كما أن غياب تمثيلية واضحة للنقابات المهنية يفتح الباب أمام تهميش الفاعلين النقابيين، و يحوّل المجلس من هيئة مستقلة إلى جهاز تقنين فوقي للنفوذ.

بين التنظيم الذاتي و التضييق على الحريات

وفق تحقيق الجزيرة، يرى معارضو المشروع أنه يُشكّل تراجعاً عن الضمانات الدستورية لحرية الصحافة، خاصة مع منح المجلس صلاحية توقيف الصحف لمدة تصل إلى 30 يوماً، و هو إجراء كان سابقاً من اختصاص القضاء فقط.  

كما أن اعتماد نظام انتخابي مزدوج (انتخاب الصحفيين و انتداب الناشرين) يُثير مخاوف من إفراغ المجلس من استقلاليته، و تحويله إلى أداة ضبط بدل أن يكون هيئة تنظيم ذاتي.  

وزير الإتصال السابق مصطفى الخلفي وصف المشروع بأنه “نكسة خطيرة”، معتبراً أن التمثيلية يجب أن تُبنى على التعددية و المقروئية، لا على القوة الإقتصادية.

دعوات إلى نقاش موسع قبل المصادقة

في ظل هذه التحفظات، دعت فعاليات إعلامية و نقابية إلى فتح نقاش موسع يُشرك جميع الفاعلين، بما في ذلك الإعلام الجهوي و النقابات المهنية، لتفادي أي قرارات قد تُفهم على أنها إقصائية أو غير منصفة.  

ويرتقب أن يُعرض المشروع على البرلمان خلال الأسابيع المقبلة، وسط ترقب واسع داخل القطاع الإعلامي لمضامينه الكاملة و انعكاساته على المشهد الصحفي المغربي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق