الرئيسية

قفزة نوعية في الإنفاق العسكري العالمي المتسارع… الناتو يُطلق سباق التسلح الإستباقي حتى 2035

هومبريسي فيلال 

في لحظة مفصلية تُعيد تشكيل ملامح الأمن الجماعي، خرجت قمة حلف شمال الأطلسي في لاهاي 2025 بتعهدات غير مسبوقة، أبرزها الإلتزام الجماعي بإنفاق 5% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع بحلول عام 2035، في خطوة وُصفت بأنها “قفزة نوعية” نحو تعزيز الجاهزية العسكرية للحلف في مواجهة التهديدات المتزايدة.

هذا الإلتزام المالي الطموح ينقسم إلى 3.5% مخصصة للإنفاق الدفاعي الأساسي، تشمل شراء المعدات وصيانة القوات، و1.5% للإستثمارات المرتبطة بالبنية التحتية الحيوية، و الأمن السيبراني، و التعاون المدني–العسكري، ما يعكس تحولاً إستراتيجياً نحو مفهوم شامل للأمن متعدد الأبعاد.  

القمة شددت على أن أمن أوكرانيا بات جزءاً لا يتجزأ من أمن الحلف، حيث تم الإتفاق على احتساب المساهمات المباشرة في دعم كييف و صناعتها الدفاعية ضمن الإنفاق الدفاعي للدول الأعضاء.

هذا الربط الإستراتيجي يُترجم إلى التزام طويل الأمد، يعكس إدراك الحلف بأن استقرار الجبهة الشرقية هو صمام أمان للأمن الأوروبي الأطلسي.

ورغم هذا التوافق، برزت تحفظات من بعض الدول، مثل إسبانيا و سلوفاكيا، اللتين عبّرتا عن تردد في رفع ميزانياتهما الدفاعية، مفضلتين التركيز على الكفاءة بدل الكم.

لكن الأمين العام للناتو، مارك روته، أكد أن الأهداف تم تحديدها بناءً على خطط دفاعية دقيقة و تقديرات واقعية للتكلفة، مشدداً على أن الإلتزام يجب أن يكون شاملاً و ملزماً.

اتفق الحلفاء على إجراء مراجعة شاملة للتقدم المحرز في عام 2029، لتقييم مدى التزام كل دولة بمسار الإنفاق الدفاعي، و تحديد ما إذا كانت هناك حاجة لتعديل الأهداف أو إعادة توجيه الإستثمارات، وفقاً للمتغيرات الجيوسياسية.

هذه المراجعة تُعد آلية رقابة إستراتيجية تُعزّز الشفافية و تُحفّز الإلتزام الجماعي.

وفي ختام القمة، جدد الحلفاء الـ32، بمن فيهم الولايات المتحدة، تمسكهم الصارم بمبدأ الدفاع الجماعي المنصوص عليه في المادة الخامسة من معاهدة واشنطن، مؤكدين أن الهجوم على أحدهم هو هجوم على الجميع، في رسالة واضحة بأن وحدة الصف هي السلاح الأقوى في وجه التحديات المتصاعدة.

قمة لاهاي لم تكن مجرد محطة بروتوكولية، بل لحظة حاسمة تُمهّد لتحول جذري في بنية الحلف، و تُعيد ضبط بوصلته الإستراتيجية نحو عالم أكثر إضطراباً، و أكثر حاجة إلى تحالفات صلبة و قرارات جريئة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق