الرئيسية

المملكة المغربية تواجه العطش بالتكنولوجيا… أكبر محطة تحلية في إفريقيا تنطلق من سوس

هومبريسج السماوي 

في زمن تتسارع فيه التحديات المناخية و تشتد فيه أزمة المياه، يخطو المغرب خطوة جريئة نحو المستقبل بإطلاق مشروع ضخم لتحلية مياه البحر، سيكون الأكبر من نوعه في القارة الإفريقية. 

المحطة الجديدة، التي ستُقام بين إقليمي اشتوكة آيت باها و تزنيت، ستبلغ طاقتها الإنتاجية نحو 350 مليون متر مكعب سنوياً، ما يجعلها حجر الزاوية في إستراتيجية المملكة لتحقيق السيادة المائية.

هذا المشروع ليس مجرد منشأة تقنية، بل رؤية متكاملة لمواجهة ندرة المياه و تغير المناخ، و إستجابة ذكية للطلب المتزايد على الماء سواء للشرب أو للري. 

ستعتمد المحطة على تقنية التناضح العكسي (Osmose Inverse) المتقدمة، إلى جانب أنظمة ذكية لترشيد إستهلاك الطاقة، مع توظيف الطاقات المتجددة، و على رأسها الطاقة الشمسية، لتقليص الكلفة البيئية و المالية للإنتاج.

ولأن الماء لا يعرف الحدود، سيتم ربط هذه المحطة بشبكة مائية واسعة تمتد إلى إقليم تارودانت، ما سيمكن من تأمين التزويد بالماء الصالح للشرب لسكان المناطق الجنوبية، و دعم المساحات الفلاحية التي تُعد شرياناً إقتصادياً حيوياً للجهة.

المشروع يندرج ضمن برنامج وطني طموح يرمي إلى تأمين الموارد المائية في أفق 2030، و يشمل محطات أخرى في الداخلة و الجديدة-آسفي، في إطار خطة إستراتيجية شاملة تعكس وعياً عميقاً بأهمية الأمن المائي كرافعة للتنمية و الإستقرار.

وتكمن أهمية هذا المشروع أيضاً في كونه نموذجاً للتنمية المستدامة، إذ يوازن بين متطلبات النمو الإقتصادي و الحفاظ على البيئة.

فإعتماد الطاقة النظيفة في تشغيل المحطة سيُقلل من إنبعاثات الكربون، و يُسهم في التزامات المغرب المناخية على الصعيد الدولي، خاصة في إطار إتفاق باريس للمناخ.

كما يُرتقب أن تُحدث هذه المحطة نقلة نوعية في مجال الإبتكار المائي، من خلال تشجيع البحث العلمي و تطوير حلول محلية في مجال تحلية المياه.

وقد تم الإعلان عن شراكات مرتقبة مع جامعات و مراكز بحث مغربية لتكوين جيل جديد من المهندسين و الخبراء في تكنولوجيا المياه، ما يعزز من مكانة المغرب كمرجع إقليمي في هذا المجال.

وليس هذا كل شيء، فالمحطة المنتظرة تمثل أيضًا فرصة إقتصادية و إجتماعية واعدة، إذ يُتوقع أن تخلق آلاف مناصب الشغل المباشرة و غير المباشرة خلال مرحلتي البناء و.التشغيل، كما ستُسهم في نقل التكنولوجيا و تكوين الكفاءات المحلية في مجال إدارة المنشآت المائية، مما يعزز من مكانة جهة سوس ماسة كمركز حيوي للتنمية المستدامة.

بهذا المشروع، لا يكتفي المغرب بمواجهة أزمة المياه، بل يحوّلها إلى فرصة إستراتيجية لبناء نموذج تنموي جديد، يوازن بين الإبتكار البيئي، و العدالة المجالية، و السيادة الوطنية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق