
هومبريس – ج السماوي
في لحظة رمزية تعكس دينامية التحول الصناعي المغربي، احتفل مصنع “رونو” بطنجة، يوم الجمعة، بإنتاج السيارة الكهربائية رقم 2000 من طراز Mobilize DUO، لتُصبح أول سيارة كهربائية رباعية العجلات تُصنع بالكامل في المملكة، في خطوة تعزز موقع المغرب كمنصة استراتيجية لصناعة التنقل النظيف والمستدام.
الاحتفال، الذي جرى وسط أجواء احتفالية داخل المصنع، شهد حضور شخصيات وازنة، من بينها وزير الصناعة والتجارة رياض مزور، والرئيس التنفيذي لشركة Mobilize جيانلوكا دي فيشي، والمدير العام لرونو المغرب محمد بشيري، إلى جانب مسؤولين وفاعلين اقتصاديين من مختلف المستويات، ما يعكس أهمية هذا الإنجاز في تطوير المنظومة الصناعية الوطنية.
ويأتي إنتاج DUO تتويجًا لمسار إدماج تكنولوجيا الكهربة في مصنع طنجة، الذي سبق أن أطلق سنة 2024 أول سيارة هجينة مغربية من طراز Dacia Jogger Hybrid.
وقد تم تخصيص خط إنتاج جديد لهذا المشروع، بطاقة قابلة للتوسيع تصل إلى 17 ألف وحدة سنويًا، باستخدام تجهيزات متطورة تواكب المعايير الدولية لصناعة السيارات الكهربائية.
وفي كلمته بالمناسبة، أكد الوزير رياض مزور أن هذا الحدث “يعكس النجاحات المتواصلة للمنصة الصناعية المغربية، خاصة في مجال السيارات النظيفة”، مشيدًا بالدور الريادي لمصنع طنجة في تعزيز الحياد الكربوني والتفوق التشغيلي، ومؤكدًا أن المغرب يواصل ترسيخ موقعه كمركز إقليمي للسيارات الكهربائية.
من جانبه، شدد جيانلوكا دي فيشي على أن مشروع DUO “يجسد رؤية Mobilize لتوفير تنقل حضري ذكي، مستدام، وآمن”، مبرزًا أهمية التعاون مع الكفاءات المغربية التي ساهمت بخبرتها في تطوير هذا النموذج العصري.
أما محمد بشيري، المدير العام لرونو المغرب، فقد اعتبر أن تصنيع DUO في طنجة “يعكس ثقة المجموعة في المنصة الصناعية الوطنية وقدرتها على مواكبة التحولات الكبرى في قطاع السيارات”.
ويتميز طراز Mobilize DUO بتصميمه الحضري المدمج، الموجه خصيصًا للمدن الكبرى، ويعتمد على هيكل مصنوع من مواد معاد تدويرها بنسبة تفوق 40%، وقابل لإعادة التدوير بنسبة 95%، ما يساهم في تقليص الانبعاثات الكربونية بنسبة 66% مقارنة بسيارات الفئة نفسها.
وقد تم تطوير السيارة على يد كفاءات مغربية خالصة، استفادت من أكثر من 8000 ساعة تدريب في مجالات متخصصة بصناعة السيارات الكهربائية، مع إدماج موردين محليين جدد في سلسلة التوريد، ما يعزز دينامية الاقتصاد الأخضر الوطني ويخلق فرص شغل نوعية.
من الناحية الصناعية، يُعد هذا الإنجاز تأكيدًا على قدرة المغرب على التحول من مجرد قاعدة تصنيع إلى فاعل تكنولوجي متكامل، قادر على إنتاج سيارات كهربائية بمعايير أوروبية، وتصديرها إلى أسواق متقدمة.
ويُرتقب أن يتم تسويق DUO في فرنسا، إيطاليا، بلجيكا، وهولندا، على أن تشمل لاحقًا ألمانيا، سويسرا، والمملكة المتحدة، فيما ستُعرض لأول مرة في السوق المغربي خلال الربع الأخير من عام 2025.
أما من الناحية الاقتصادية، فإن هذا المشروع يعكس نجاح استراتيجية “صنع في المغرب” في جذب الاستثمارات النوعية، وتوطين التكنولوجيا، وتعزيز تنافسية المملكة في سلاسل القيمة العالمية.
كما يُبرز قدرة المغرب على الجمع بين الاستدامة البيئية والابتكار الصناعي، في وقت يشهد فيه العالم تحولات كبرى في أنماط الإنتاج والاستهلاك.
من جهة أخرى، فإن هذا الإنجاز يفتح الباب أمام تحول نوعي في سوق الشغل المغربي، من خلال خلق وظائف عالية القيمة في مجالات الهندسة، والبرمجة، والتصميم الصناعي، ما يعزز من جاذبية المغرب كوجهة للاستثمار في الصناعات المستقبلية.
كما يُعد هذا المشروع نموذجًا ناجحًا للتعاون بين القطاعين العام والخاص، حيث تلاقت الرؤية الحكومية مع طموحات الشركات العالمية، لتُثمر عن منتج مغربي الصنع، عالمي المعايير، يُجسد طموح المملكة في أن تكون منصة إقليمية رائدة في صناعة السيارات الكهربائية.