
بنـي ملال – حميد رزقي
تحت شعارات قوية تعكس واقعًا مريرًا، خرج المئات من “الفراشة” (الباعة المتجولون) في مسيرة احتجاجية حاشدة بشوارع مدينة بني ملال، للمطالبة بحقهم في العيش الكريم ورفض سياسة التجويع التي يعانون منها في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة. المسيرة، التي جاءت تحت شعار “قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق”، تعد تعبيرًا صارخًا عن واقع يعيشه هؤلاء الباعة المتجولون الذين يعانون من تهميش متواصل وغياب حلول حقيقية لمشاكلهم الاقتصادية والاجتماعية.
ردد المحتجون شعارات سياسية واجتماعية لاذعة، منها: “عاش الشعب عاش عاش، والفراشة ماشي أوباش”، و”علاش جينا واحتجينا على الباشا لي طغا علينا”، و”باغي نفرش باش نعيش، وما نغرق ما نبيع حشيش”، و” بارك باركا من الفساد رآكم شوهتو البلاد.. “. هذه الشعارات لم تكن مجرد كلمات، بل كانت تعبيرًا عن واقع يعيشه هؤلاء الباعة المتجولون الذين يعانون من تهميش متواصل وغياب حلول حقيقية لمشاكلهم الاقتصادية والاجتماعية.
المسيرة الاحتجاجية لم تكن فقط للمطالبة بالعيش الكريم، بل كانت أيضًا منصة لاستنكار الفساد والمفسدين، وللإدانة الصريحة لسياسة التجويع التي يرى المحتجون أنها تطال الفئات الهشة في المجتمع. عبر المشاركون عن غضبهم من الحملات المتكررة التي تستهدفهم، والتي تزيد من صعوبة حياتهم بدلًا من أن تقدم حلولًا لمشاكل البطالة والفقر.
المحتجون أكدوا أنهم ليسوا ضد القانون، لكنهم يطالبون بفرص عمل حقيقية وحلول استراتيجية للبطالة التي تعصف بالشباب في المنطقة. الوضع الاقتصادي الصعب، الذي طغت فيه سطوة الأغنياء وأصبح العيش الكريم حلماً بعيد المنال، دفع هؤلاء الباعة المتجولين إلى الخروج للشارع للتعبير عن رفضهم للوضع القائم.
جاءت هذه المسيرة الاحتجاجية على إثر الحملات اليومية التي تشنها السلطات المحلية منذ تعيين بنبيراك عاملاً على إقليم بني ملال ووالياً على جهة بني ملال-خنيفرة. هذه الحملات، التي تستهدف الباعة المتجولين، تزيد من تعقيد الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها هؤلاء، حيث يجدون أنفسهم أمام خيارين: إما مواجهة القانون أو الاستسلام للجوع والفقر.
المحتجون وجهوا نداءً إلى المسؤولين المحليين والوطنيين للاستماع إلى مطالبهم ووضع حد لمعاناتهم. كما طالبوا بوقف الحملات التي تستهدفهم، والعمل على إيجاد حلول عادلة تمكنهم من العيش بكرامة، بعيدًا عن سياسة التجويع والإقصاء.
مسيرة الفراشة ببني ملال ليست مجرد احتجاج عابر، بل هي صرخة مدوية تعكس معاناة فئة مهمشة تعيش على هامش المجتمع. في ظل غياب الحلول الاستراتيجية، يبقى السؤال: إلى متى ستستمر معاناة هؤلاء الذين يبحثون فقط عن لقمة عيش في زمن أصبحت فيه الكرامة الإنسانية ضحية لسياسات اقتصادية قاسية؟