
نظمت المحكمة الإبتدائية بخنيفرة، يوم الثلاثاء الماضي، مائدة مستديرة لمناقشة مشروع قانون العقوبات البديلة (القانون رقم 43.22)، الذي يُعتبر تحولاً جذرياً في المنظومة القانونية المغربية.
يأتي هذا اللقاء ضمن الجهود الرامية إلى تحديث الأطر التشريعية للسياسة الجنائية بالمملكة، بما يتماشى مع التوجهات العالمية الحديثة.
ركزت المائدة المستديرة على أهمية تبني خيارات تشريعية جديدة تتجاوز المفاهيم التقليدية للعقوبات السالبة للحرية، لتعزز بدلاً من ذلك فلسفة قائمة على المصلحة العامة و حماية المجتمع والأسرة.
وأكد المشاركون أن هذا المشروع يمثل طفرة نوعية ستُحدث تغييراً جوهرياً في النظام القضائي المغربي، حيث سيساهم في تخفيف الإكتظاظ داخل المؤسسات السجنية و تقليل الآثار السلبية الناجمة عن العقوبات القصيرة المدى.
أوضح رئيس المحكمة الإبتدائية بخنيفرة، سعيد بوهلال، أن هذا اللقاء يهدف إلى تسليط الضوء على المستجدات التشريعية التي تواكب التحولات الكبرى في السياسة الجنائية بالمغرب.
وأشار إلى أن هذه الخطوة تعكس رغبة المملكة في تنويع أدواتها العقابية، بحيث تصبح أكثر مرونة و إنسانية، مع الحفاظ على تحقيق أهداف الردع و الزجر.
من جانبه، أكد وكيل الملك، حاتم حراث، أن المغرب انخرط بشكل كامل في التوجهات الدولية التي تدعو إلى استبدال العقوبات السالبة للحرية بالعقوبات البديلة، بهدف تعزيز دور العدالة في بناء مجتمع أكثر أماناً و إستقراراً.
وأشار إلى أن هذا الإصلاح يعكس رؤية ملكية واضحة تم التعبير عنها في خطاب ثورة الملك والشعب عام 2009، و الذي دعا إلى تحديث المنظومة القانونية بما يتماشى مع المعايير الدولية.
أكد يونس مصباح، نائب رئيس المحكمة الإبتدائية و قاضي تطبيق العقوبات، أن فكرة العقوبات البديلة ليست وليدة اللحظة، بل هي نتيجة لمسار طويل من النقاشات الوطنية و الدولية.
وأشار إلى أن هذا المشروع يستند إلى عدة محطات مهمة، منها الندوة الدولية التي عقدت بمدينة مكناس عام 2004، و بنود دستور المملكة لسنة 2011، و الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة عام 2013.
أما النائب الأول لوكيل الملك، محمد فخر الدين، فقد ذكر بأن مشروع القانون جاء ليترجم مجموعة من التوصيات التي تمت بلورتها خلال هذه المحطات، مؤكداً على أهمية توفير الموارد البشرية و الآليات اللوجيستيكية اللازمة لضمان تنفيذ هذا المشروع بكفاءة.
تحدث القاضي بهيئة القضايا العقارية، المصطفى حافظ، عن الدور المحوري الذي سيقوم به قاضي تطبيق العقوبات في إطار تنفيذ العقوبات البديلة.
وأوضح أن القانون الجديد أسند لهذا القاضي إختصاصات جديدة تتعلق بإدارة كل عقوبة على حدة، بما يضمن تحقيق الأهداف المرجوة من هذا الإصلاح.
اختتم المشاركون في المائدة المستديرة أعمالهم بالإشادة بأهمية مشروع القانون رقم 43.22، مشيرين إلى أنه يهدف إلى النهوض بمنظومة العدالة بالمغرب، عبر تجاوز التحديات المرتبطة بالعقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة.
وأكدوا أن هذا المشروع لا يقتصر فقط على كونه إصلاحاً تشريعياً، بل هو خطوة إستراتيجية نحو بناء نظام قضائي أكثر عدالة و إنصافاً.