
حميد رزقي
أثار الحكم القضائي الصادر عن المحكمة الابتدائية بأزيلال يوم الخميس 28 مارس 2025، والذي قضى بعقوبة حبسية نافذة ضد ثلاثة مواطنين، جدلاً واسعًا في الأوساط الحقوقية والمجتمعية. وتعود تفاصيل القضية إلى احتجاج هؤلاء المواطنين، على ارتفاع أسعار السردين، وهو ما دفع الهيئة المغربية لحقوق الإنسان إلى إصدار بيان شديد اللهجة يدين هذا الحكم ويدافع عن حق المواطنين في التعبير السلمي.
عبّرت الهيئة عن تفاجئها من الحكم الابتدائي القاضي بالسجن النافذ في حق المواطنين الثلاثة الذين لم يرتكبوا أي جنح أو أفعال تستوجب مثل هذه العقوبة القاسية، خاصة أنهم كانوا يحتجون بشكل سلمي على ارتفاع أسعار مادة غذائية أساسية يحتاجونها لإفطار أبنائهم.
أكدت الهيئة أن المحتجين الثلاثة لم يقوموا بأي أعمال تستدعي متابعتهم جنائيًا، خاصة في ظل شهادات الشهود التي أكدت سلمية احتجاجهم وغياب أي تحريض أو تخريب. ورأت أن محاكمتهم تعد سابقة خطيرة وانتهاكًا واضحًا لحقهم في التعبير عن آرائهم.
ذكّر البيان المسؤولين في القضاء المغربي بأن العدالة وُجدت لحماية المواطنين البسطاء وردع المضاربين والمفسدين الذين يستغلون حاجة المواطنين اليومية لتحقيق أرباح غير مشروعة. وانتقدت الهيئة ما وصفته بتغاضي القضاء عن الممارسات الاحتكارية، مقابل معاقبة المواطنين الذين يطالبون بحقوقهم المشروعة.
شددت الهيئة على أن المتهمين الثلاثة كان يجب متابعتهم في حالة سراح، خاصة أنهم لم يشكلوا أي خطر على النظام العام، وكان من الممكن ضمان حضورهم دون اللجوء إلى الاعتقال.
أبدت الهيئة امتعاضها من سياسة “الحيط القصير” التي تنتهجها بعض المحاكم لمعاقبة المواطن البسيط، بدلًا من حمايته وإنصافه، مما يعكس اختلالات عميقة في النظام القضائي.
رأت الهيئة أن مثل هذه الأحكام تعد انتكاسة لمنظومة العدالة في المغرب، وتسيء إلى سمعة القضاء، رغم محاولات الإصلاح المزعومة. وأكدت أن هذه الممارسات لا تتماشى مع الالتزامات الحقوقية التي تدعي الدولة احترامها.
عبّرت الهيئة عن خيبة أملها في أداء القضاء، الذي من المفترض أن يكون أداة للدفاع عن الحقوق المدنية والاجتماعية، بدلًا من أن يكون وسيلة لقمع الأصوات المنادية بالعدالة الاجتماعية.
أعلنت الهيئة المغربية لحقوق الإنسان التزامها بالدفاع عن حق المعتقلين في استعادة حريتهم، مشيرة إلى أن احتجاجهم السلمي يندرج ضمن حرية الرأي والتعبير التي يكفلها الفصل 29 من الدستور المغربي والمادة 21 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
حذرت الهيئة من أن محاكمات المواطنين البسطاء التي تهدف إلى تكميم الأفواه قد تكون أكثر خطورة من بعض أشكال الجريمة الأخرى، لأنها تمسّ جوهر حرية التعبير، وتهدد السلم الاجتماعي.
أشادت الهيئة بالمجهودات الكبيرة التي بذلتها هيئة الدفاع، والتي دافعت عن المتهمين بشجاعة واستمرت في مرافعاتها لأكثر من 14 ساعة، مؤكدة أن هذه الروح النضالية تمثل الأمل في تحقيق العدالة.
أعلنت الهيئة عن نيتها ترجمة البيان إلى عدة لغات وإرساله إلى المنظمات الحقوقية الدولية، مثل الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان ومنظمة Mena Right Group بجنيف، لفضح ما اعتبرته تناقضًا بين التصريحات الرسمية حول احترام الحقوق، والممارسات الفعلية التي تنتهكها.