
هومبريس – ع ورديني
تحيي رواندا اليوم الذكرى الـ31 للإبادة الجماعية ضد التوتسي التي وقعت عام 1994، في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في التاريخ الحديث، حيث فقد أكثر من 800 ألف شخص حياتهم خلال 100 يوم فقط.
تأتي هذه الذكرى تحت شعار “ذاكرة، وحدة، تجديد”، وتهدف إلى تكريم الضحايا وتعزيز وحدة الشعب الرواندي، مع التأكيد على أهمية مكافحة خطاب الكراهية والتمييز لمنع تكرار مثل هذه الفظائع مستقبلاً.
في أبريل 1994، تحولت رواندا إلى ساحة قتل ممنهج عقب إغتيال الرئيس جوفينال هابياريمانا، حيث استغل نظام الهوتو المتطرف الوضع لإطلاق حملة إبادة جماعية منظمة ضد أقلية التوتسي و معارضي هذه المجازر، مستعيناً بوسائل إعلام تحريضية، مثل راديو الألف تل، لنشر الكراهية و تأجيج العنف، مما أدى إلى سقوط عدد هائل من الضحايا.
في إطار أسبوع الحداد الوطني، بدأ اليوم الرئيس بول كاغامي مراسم إحياء الذكرى عبر إيقاد شعلة الحداد في نصب غيسوزي التذكاري في كيغالي، و التي ستظل مشتعلة لمدة 100 يوم، لتجسد صمود الشعب الرواندي أمام هذه المأساة.
وفي كلمة بهذه المناسبة، شدد كاغامي على أن ما حدث لم يضعف الروانديين بل زادهم قوة و إصراراً، داعياً إلى مواصلة النضال لضمان عدم تكرار هذه الكارثة، وأشار إلى خطورة التشويه المتعمد للحقائق و ضرورة الحفاظ على الذاكرة الوطنية.
على الصعيد الدولي، أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن هذه الإبادة لم تكن مجرد أعمال عنف عشوائية، بل كانت مخططة و مدروسة، مشيراً إلى الدور الخطير الذي لعبه خطاب الكراهية في تقسيم المجتمع و تأجيج العنف.
كما دعا إلى مكافحة التحريض و التزام حقوق الإنسان لضمان عدم تكرار مثل هذه المآسي في أي مكان بالعالم.
ويشهد هذا الأسبوع (7-13 أبريل) فعاليات مختلفة لإحياء الذكرى، منها وضع أكاليل الورود على المقابر الجماعية و تنظيم حلقات نقاش حول خطاب الكراهية و الإبادة الجماعية، إضافة إلى تعليق كافة الإحتفالات والمنافسات الرياضية احترامًا للحداد الوطني، الذي يستمر 100 يوم حتى منتصف يوليوز، تاريخ نهاية الإبادة الجماعية في رواندا.
إلى جانب إحياء الذكرى، يمثل هذا الحدث فرصة لتعزيز التوعية العالمية بمخاطر خطاب الكراهية و الإنقسامات العرقية التي قد تؤدي إلى تكرار مثل هذه المآسي.
كما تسعى رواندا إلى تقديم نموذج ناجح في إعادة بناء المجتمع و تحقيق المصالحة الوطنية، حيث استطاعت خلال العقود الثلاثة الماضية تحويل الألم إلى قوة دافعة نحو التنمية و الإستقرار، مما يجعل تجربتها مصدر إلهام للشعوب الساعية لتجاوز آثار النزاعات و الصراعات.