الرئيسية

ندوة وطنية ببني ملال تُشخّص أعطاب منهاج اللغة العربية وتوصي بتجديده لمواكبة المدرسة المغربية الجديدة

حميد رزقي

 احتضنت غرفة الفلاحة بمدينة بني ملال، ندوة وطنية وُصفت بالهامة، تمحورت حول موضوع: “منهاج اللغة العربية بالمدرسة المغربية: قراءات متقاطعة”، بتنظيم مشترك بين شعبة اللغة العربية بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين، وشعبة علوم التربية، وفريق تدريس اللغة والأدب والجماليات والعلوم المعرفية.

الندوة، التي عرفت مشاركة نخبة من الباحثين والممارسين التربويين من مختلف ربوع المملكة، شكّلت محطة للتفكير الجماعي في واقع منهاج اللغة العربية، وفضاءً لتقاطع الرؤى حول آفاق تطويره، في ظل التحولات المتسارعة التي يعرفها المشهد التعليمي والتربوي بالمغرب.

على مدار خمس جلسات علمية، تعاقب باحثون ومفتشون تربويون وأساتذة جامعيون على تقديم مداخلاتهم وتحليلاتهم، انطلاقًا من مقاربة ترى أن منهاج اللغة العربية ليس مجرد وثيقة بيداغوجية، بل هو تجلٍّ لرؤية الدولة واختياراتها القيمية والتربوية. وقد تم التأكيد في أغلب المداخلات على أن المنهاج الحالي لم يعد يواكب التغيرات المتسارعة لمجتمع المعرفة، ولا ينسجم مع رهانات المدرسة المغربية الجديدة التي تدعو إلى الانفتاح، والنجاعة، والعدالة التربوية.

وشدد المتدخلون على ضرورة إعادة بناء المنهاج انطلاقًا من مقاربات معرفية حديثة، تأخذ بعين الاعتبار حاجات المتعلم وخصوصيات السياق المغربي، وتُدمج التكنولوجيا والمعرفة الرقمية ضمن كفايات اللغة العربية، مع تجديد طرائق تدريسها بشكل يعزز التفكير النقدي والتواصل الفعّال.

وقد استُهلت الندوة بجلسة افتتاحية انطلقت بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم، تلتها كلمات ترحيبية من الجهات المنظمة، عبّرت فيها عن أهمية هذا الموعد الأكاديمي في بلورة رؤية جماعية جديدة لتدريس اللغة العربية، تزاوج بين الأصالة والانفتاح، وتؤسس لمنهاج مرن يلبّي تطلعات الأجيال القادمة ويواكب التحولات الاجتماعية والتكنولوجية العميقة.

 

الندوة لم تكتفِ برصد أعطاب المنهاج الحالي، بل خلُصت إلى جملة من التوصيات العملية التي تم عرضها في الجلسة الختامية، وشملت ضرورة الانفتاح على علوم اللسانيات المعاصرة والعلوم المعرفية في بناء المنهاج، تكوين مدرّسي اللغة العربية تكوينًا متجددًا يتماشى والمقاربات الحديثة، إحداث لجان دائمة لمراجعة منهاج اللغة العربية بشكل دوري، تعزيز مكانة اللغة العربية داخل المؤسسات التعليمية من خلال مشاريع قرائية وإبداعية مندمجة، إدماج الكفايات الرقمية والوسائط التكنولوجية في الممارسة الصفّية للغة العربية.

وبحسب المتتبعين، فقد شكّلت الندوة الوطنية ببني ملال نموذجًا ناجحًا للتفكير التشاركي في إصلاح التعليم، وفضاءً مفتوحًا للحوار بين الفاعلين التربويين والباحثين الأكاديميين، حول سُبل تجاوز الأعطاب البنيوية التي تعانيها المدرسة المغربية، خاصة على مستوى تعليم اللغة العربية.

وقد اختُتمت فعاليات الندوة بتوجيه الشكر لكافة المشاركين والمنظمين، مع التعبير عن الأمل في أن تتحول مثل هذه اللقاءات إلى رافعة لإصلاح حقيقي، يُبنى من قاعات النقاش الأكاديمي وينعكس في فصول الدراسة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق