
هومبريس – ع ورديني
يعد مشروع أنبوب الغاز الرابط بين نيجيريا و المغرب خطوة إستراتيجية تعكس تطلعات إفريقيا لتعزيز أمنها الطاقي و الإنفتاح على الأسواق الأوروبية، مما يرسّخ مكانتها كلاعب محوري في خارطة الطاقة العالمية.
يأتي هذا المشروع العملاق في سياق تحولات عالمية تتطلب حلولاً مستدامة لتلبية إحتياجات الطاقة، حيث يحظى بدعم دولي كبير، لا سيما مع دخول الإمارات العربية المتحدة كشريك مالي إلى جانب مؤسسات دولية مرموقة مثل البنك الإسلامي للتنمية، و بنك الإستثمار الأوروبي، و صندوق أوبك للتنمية، ما يعزز مصداقيته الإقتصادية و يدعم فرص نجاحه.
ولا يقتصر المشروع على كونه مجرد بنية تحتية لنقل الغاز، بل يمثل جسراً للتكامل الإفريقي، حيث يسهم في خلق فرص العمل و تحقيق التنمية المحلية في الدول التي يعبرها، إلى جانب دوره في تعزيز إستقلالية أوروبا الطاقية وسط التحديات الجيوسياسية المتزايدة.
المغرب، الذي يحتضن المرحلة الأخيرة من الأنبوب قبل وصوله إلى أوروبا، يلعب دوراً إستراتيجياً في المشروع بفضل موقعه الجغرافي الفريد و خبرته في مجال الطاقة المتجددة.
كما يساهم بشكل فعال في تأمين إستدامة المشروع و إشراك الدول الإفريقية المجاورة في مكاسبه الإقتصادية، مما يعزز التعاون الإقليمي و يؤسس لشراكات تقوم على المصالح المتبادلة.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن مشاركة الإمارات في تمويل المشروع تضيف بعداً جديداً للتعاون العربي الإفريقي، مما يعكس طموح القارة في أن تكون فاعلاً رئيسياً في سوق الطاقة العالمي.
كما أن تنوع الجهات الداعمة يعزز إستقرار المشروع، و يمنحه قدرة أكبر على التعامل مع التقلبات الإقتصادية و السياسية.
من نيجيريا إلى المغرب، وصولاً إلى أوروبا، يمتد الأنبوب كرمز للتكامل الإقتصادي، حيث يعيد رسم موازين الطاقة الدولية و يضع إفريقيا، من خلال المغرب، في قلب التحولات الجيوستراتيجية، مؤكداً أن مستقبل الطاقة يرتكز على الشراكات المتوازنة و التعاون المستدام.
إلى جانب الفوائد الإقتصادية و الإستراتيجية لهذا المشروع، فإنه يحمل أيضاً بعداً بيئياً مهماً، حيث يسهم في تقليل الإعتماد على مصادر الطاقة الأكثر تلويثاً و تعزيز إستخدام الغاز الطبيعي كبديل أنظف للطاقة.
كما يمكن أن يكون المشروع حافزاً للإستثمارات المستقبلية في الطاقة المتجددة داخل الدول الإفريقية المعنية، مما يخلق نظاماً طاقياً أكثر إستدامة و توازناً يلبي إحتياجات القارة و يساهم في تحقيق أهداف مكافحة تغير المناخ.