الرئيسية

العقوبات البديلة في المغرب.. ثورة قضائية تعيد صياغة تعريف العدالة الجنائية

هومبريسج السماوي

أفاد محمد عبد النباوي، الرئيس الأول لمحكمة النقض و الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، بأن المغرب أضحى اليوم في مصاف الدول التي تبنّت العقوبات البديلة، مما يعكس تحولاً جوهرياً في السياسة العقابية الوطنية، و يجسد رؤية حديثة لمواكبة التشريعات الدولية المتقدمة في هذا المجال.  

وأشار خلال اليومين الدراسيين المنظمين من طرف رئاسة النيابة العامة بشراكة مع مجلس أوروبا، إلى أن إعتماد هذا النظام الجديد جاء إستجابة لحاجيات العدالة، حيث يوفر آليات عقابية أكثر مرونة تحافظ على الحياة الإجتماعية للمحكوم عليهم، بعيداً عن قيود السجون التقليدية التي غالباً ما تؤثر سلباً على إعادة إدماجهم في المجتمع.  

وأكد عبد النباوي أن الدراسات المقارنة أثبتت أن هذه العقوبات البديلة أسهمت في تقليص معدلات العود إلى الجريمة، خاصة في القضايا المرتبطة بالإدمان، كما أظهرت البيانات أن تكلفتها على الدولة و المجتمع أقل بكثير، إذ يمكن أن تصل إلى عُشر تكاليف العقوبات السجنية، فضلاً عن تأثيرها الإيجابي على النسيج الإجتماعي و الإقتصادي.  

وأوضح أن تطبيق هذه الإصلاحات سيتزامن مع دخول القانون الجديد حيز التنفيذ بداية من 8 غشت المقبل، حيث يتم العمل على تهيئة القضاة، الموظفين القضائيين، و الأطر السجنية لضمان تنفيذ العقوبات البديلة وفق معايير دقيقة تحقق الغاية المرجوة.  

وأضاف أن نجاح هذه التجربة يتطلب إنخراط المجتمع، إذ أن فلسفة هذا القانون تقوم على تخصيص العقوبات السجنية للحالات التي لا يمكن معها تطبيق التدابير البديلة، مما يكرّس نظرة قضائية أكثر إنصافاً تحفظ الحقوق و تصون كرامة المحكوم عليهم، و تمنحهم فرصة حقيقية للإصلاح و الإندماج.  

وشهد اللقاء مشاركة خبراء دوليين وقضاة ومسؤولين قضائيين، حيث ناقشوا آليات تنزيل العقوبات البديلة، و استعرضوا تجارب دولية ناجحة في هذا المجال، مما يساهم في صياغة نموذج عملي يتماشى مع إحتياجات المجتمع المغربي، و يعزز من فعالية النظام القضائي و قدرته على تحقيق العدالة الجنائية بأساليب حديثة ومستدامة.  

إلى جانب الأبعاد القانونية و التشريعية، يمثل إعتماد العقوبات البديلة تحولاً جوهرياً في مفهوم العدالة الجنائية، إذ يسهم في تخفيف إكتظاظ المؤسسات السجنية، و يعزز فرص إعادة إدماج المحكوم عليهم في المجتمع بطريقة أكثر فعالية.

كما يفتح المجال أمام مقاربة إصلاحية تركز على إعادة تأهيل الأفراد بدلاً من معاقبتهم بأسلوب تقليدي، مما يحقق توازناً بين الإنصاف القانوني و حماية المصلحة العامة. 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق