الرئيسية

بين الإنصاف و التأهيل.. هل تنجح العقوبات البديلة في تغيير المشهد القضائي؟

هومبريسج السماوي 

أعلن الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض و رئيس النيابة العامة، عن توجه جديد نحو تحديث أساليب تنفيذ العقوبات في المغرب، حيث يجري إعداد دليل عملي شامل لتوضيح كيفية تطبيق العقوبات البديلة.  

وأكد خلال اليومين الدراسيين المنظمين بشراكة مع مجلس أوروبا و المندوبية العامة لإدارة السجون و إعادة الإدماج، أن النيابة العامة لن تكتفي بإعداد هذا الدليل، بل ستعمل أيضاً على تنظيم برامج تدريبية لفائدة الجهات المختصة، إضافة إلى عقد لقاءات دورية مع المسؤولين القضائيين لتذليل أي عراقيل تعترض التطبيق الفعلي لهذه الإصلاحات التشريعية.  

وأشار الداكي إلى أن تبني العقوبات البديلة يمثل نقلة نوعية في السياسة العقابية المغربية، حيث يهدف القانون الجديد إلى تحقيق الإنصاف و الإدماج الإجتماعي بدلاً من العقوبات السجنية التقليدية التي غالباً ما تؤدي إلى عزل المحكوم عليهم عن بيئتهم الطبيعية.  

وأوضح أن آثار العقوبات السالبة للحرية لا تقتصر على المحكوم عليهم فقط، بل تمتد إلى المجتمع ككل، حيث يسهم الإكتظاظ داخل المؤسسات السجنية في عرقلة تنفيذ السياسات العقابية بفعالية، مما جعل البحث عن بدائل أكثر مرونة ضرورة ملحّة.  

ويتيح القانون الجديد إمكانية الحكم بالعقوبات البديلة في الجنح التي لا تتجاوز مدة العقوبة فيها خمس سنوات سجناً، وتشمل هذه العقوبات أربعة أصناف رئيسية : العمل لفائدة المصلحة العامة، المراقبة الإلكترونية، فرض تدابير علاجية و تأهيلية، و الغرامات اليومية، مما يضمن بقاء المحكوم عليه ضمن مجتمعه مع إخضاعه لإجراءات رقابية دقيقة.  

وأكد الداكي أن نجاح هذه التجربة يرتبط بمدى فهم المجتمع لأهميتها و قبوله لها، حيث يستهدف هذا النهج تحقيق عدالة أكثر إنصافاً من خلال استبدال العقوبات السجنية بآليات تأهيلية تهدف إلى إصلاح سلوك المحكوم عليهم و ضمان إستمرار دورهم الإجتماعي و الإقتصادي.  

وشارك في هذا اللقاء عدد من الخبراء الدوليين والقضاة و المسؤولين القضائيين، حيث ناقشوا آليات تنفيذ العقوبات البديلة، و استعرضوا تجارب دولية ناجحة يمكن الإستفادة منها في صياغة نموذج مغربي فعّال يعزز مبدأ العدالة التصالحية و يقلل من الأعباء المرتبطة بالعقوبات التقليدية.  

إلى جانب الجوانب القانونية والتنظيمية، يشكل إعتماد العقوبات البديلة نقلة نوعية في تعزيز نهج العدالة التصالحية، حيث يوفر فرصاً أكبر لإصلاح المحكوم عليهم دون إلحاق ضرر بمسار حياتهم الإجتماعي و الإقتصادي. 

كما يسهم في تقليل الضغط على المؤسسات السجنية، و يتيح إمكانية توجيه الموارد نحو برامج تأهيلية أكثر فعالية و إستدامة، مما يعزز دور القضاء في تحقيق توازن بين الردع و الإدماج داخل المجتمع.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق