
حميد رزقي
حذّر المكتب الجهوي للمرصد الدولي للإعلام وحقوق الإنسان بجهة بني ملال خنيفرة من تفشي ظاهرة تجوّل المختلين عقليًا في الشارع العام، في مشهد يختلط فيه الإهمال بالخطر، وتتقاطع فيه المأساة الإنسانية مع غياب الرعاية الصحية والعدالة الاجتماعية.
وفي بيان له، أعرب المرصد عن قلقه الشديد مما وصفه بـ”الوضعية المزرية” التي تعيشها هذه الفئة الهشة، مشيرًا إلى أن عدداً من المختلين يُشكلون خطرًا حقيقيًا على أنفسهم وعلى المارة، في ظل غياب أي تدخل من الجهات المسؤولة، سواء من حيث العلاج أو الحماية.
البيان حمّل الحكومة مسؤولية مباشرة عن هذا الوضع، منبّهًا إلى النقص “المهول” في المؤسسات الصحية المختصة والأطر الطبية والتمريضية، كما دعا وزارتي الداخلية والصحة إلى التعجيل بتحديث وتفعيل مشروع القانون رقم 13-71، الذي سُحب من البرلمان عام 2023 بعد سنوات من الجمود، ليحل محل الظهير القديم المؤطر للعلاج النفسي الصادر سنة 1959.
وأشار المرصد إلى أن تواجد المختلين عقليًا في الشوارع لا يُهدد فقط سلامتهم الشخصية — إذ يُعرّضهم لحوادث السير وسوء التغذية والعنف — بل يمثل أيضًا خطرًا على المواطنين والممتلكات، بسبب حالات الاعتداء اللفظي أو الجسدي، وحتى التكسير.
الأخطر، بحسب البيان، هو تعرض هؤلاء المرضى للاستغلال، خصوصًا في صفوف النساء والأطفال، في ظل غياب أي حماية قانونية فعلية لهم، وهو ما يجعلهم في مواجهة يومية مع الإهانة، والتشرد، والنوم في العراء، خاصة في فترات البرد القارس.
كما انتقد المرصد بشدة ما أسماه بـ”الترحيل القسري” للمختلين من المدن الكبرى إلى المدن الصغرى، في سلوك يُقايض المأساة بمساحة جغرافية أخرى، دون أي علاج فعلي أو مقاربة إنسانية، واصفًا الأمر بأنه “حل ترقيعي“.
ولتجاوز هذا الواقع، دعا المرصد إلى توزيع عادل للمؤسسات الصحية النفسية، وتوفير التجهيزات والأطر المختصة، مع تحسين الخدمات في مستشفيات الأمراض العقلية، وخاصة مستشفى برشيد، الذي وصف إصلاحه بأنه “مهمة مستعجلة“.
كما اقترح الاستعانة المؤقتة بالأطباء الخواص، وتخصيص وحدات لعلاج النساء والأطفال، إلى جانب إنشاء فرق ميدانية مشتركة تضم رجال أمن ووقاية مدنية وأطر طبية، للتكفل بالمختلين ونقلهم إلى المؤسسات الاستشفائية.
البيان شدد أيضًا على ضرورة محاربة ظاهرة الإدمان، التي تُعد سببًا رئيسيًا للاضطرابات النفسية، داعيًا إلى إنشاء مراكز مختصة لمحاربته، وتعزيز الحملات التوعوية للإدماج الاجتماعي، إلى جانب توفير الدعم النفسي والاجتماعي للأسر، وضمان توفر الأدوية بشكل منتظم.