
هومبريس – ع ورديني
كشف المجلس الأعلى للحسابات، في تقريره السنوي حول تدقيق حسابات الأحزاب السياسية لسنة 2023، عن مجموعة من الملاحظات الجوهرية التي تسلط الضوء على التدبير المالي للأحزاب و مدى التزامها بالضوابط القانونية.
التقرير، الذي تشرف عليه زينب العدوي، شدد على ضرورة التزام الأحزاب بتقديم حساباتها السنوية في الآجال المحددة، مع المصادقة عليها من طرف خبير محاسباتي، و إرفاقها بجميع الوثائق التبريرية المطلوبة لضمان أقصى درجات الشفافية و المساءلة.
كما كشف التقرير عن اختلالات مالية تستوجب إرجاع 21,96 مليون درهم إلى خزينة الدولة، موزعة على مبالغ لم يتم إثبات صرفها (15,07 مليون درهم)، أو لم تُستخدم (3,36 مليون درهم)، أو صُرفت في غير ما خُصصت له (2,88 مليون درهم)، إضافة إلى مبالغ غير مستحقة لبعض الأحزاب نتيجة ضعف نتائجها في الإنتخابات (0,65 مليون درهم).
ولتفادي تكرار هذه التجاوزات، دعا المجلس إلى توثيق جميع المعاملات و النفقات، خصوصًا ما يتعلق بأجور و تعويضات المستخدمين، وفقاً للمخطط المحاسبي الموحد الخاص بالأحزاب.
كما أوصى بضرورة إحترام المبادئ الأساسية للمحاسبة، مثل الوضوح و الشمولية، إلى جانب تحسين الأداء الإداري عبر دلائل المساطر والمهام، و بطاقات وظيفية واضحة، و تدريب مستمر للموارد البشرية.
وفي خطوة لتعزيز الرقابة، طالب المجلس وزارة الداخلية بإتخاذ التدابير اللازمة ضد الأحزاب التي لم تسوِّ وضعيتها المالية، كما أوصى بتنظيم دورات تكوينية لمسؤولي التدبير المالي والمحاسباتي لضمان تبني المخطط المحاسبي الموحد بفعالية أكبر.
وفي هذا الإطار، دعا التقرير إلى إعداد دليل موحد للمساطر المحاسبية، و إطلاق نظام معلوماتي مشترك بين الأحزاب، يهدف إلى تبسيط إجراءات التتبع و الرقابة، إضافة إلى ملاءمة المرسوم المتعلق بتوزيع الدعم مع التشريعات ذات الصلة، بهدف تحسين آليات صرف الدعم العمومي و تحقيق الأهداف المرجوة منه.
التقرير لم يكتف فقط برصد الإختلالات، بل اقترح تحديث النظام المالي الحزبي عبر إدماج الحلول الرقمية التي من شأنها تسهيل المراقبة و تحسين الشفافية وتقليل الأخطاء المالية، فضلاً عن الدفع نحو إعتماد تدقيق داخلي دوري، مما يضمن الإلتزام بالمعايير المالية و المحاسبية.
بهذه التوصيات، يضع المجلس الأعلى للحسابات خارطة طريق واضحة لإصلاح التدبير المالي للأحزاب، في خطوة تهدف إلى تعزيز المساءلة و الشفافية و ضمان تدبير أكثر نجاعة للمال العام.