
هومبريس – ع ورديني
يخطو المغرب بثبات نحو الريادة الإفريقية في صناعة السيارات، واضعاً نصب عينيه رؤية 2030 التي تهدف إلى تحويل المملكة إلى منصة إقليمية وعالمية للإنتاج و التصدير، خصوصاً نحو أوروبا و إفريقيا.
هذا القطاع الحيوي أصبح قاطرة النمو الصناعي في البلاد، حيث يتصدر قائمة الصادرات الصناعية، مستفيداً من بنية تحتية متطورة، اتفاقيات تجارية واسعة، وموقع إستراتيجي فريد بين الأطلسي و المتوسط
ضمن هذه الرؤية الطموحة، يسعى المغرب إلى رفع القدرة الإنتاجية من 700 ألف وحدة سنوياً إلى أكثر من 1.5 مليون سيارة، مع التركيز على السيارات الكهربائية و الهجينة، و تعزيز الإندماج المحلي في سلسلة التصنيع بنسبة تفوق 80%.
وقد تم بالفعل إطلاق مشاريع ضخمة مع شركات عالمية مثل رونو و ستيلانتيس، إلى جانب دخول علامات جديدة و خطط لإنشاء مصانع للبطاريات الكهربائية، مما يعزز التوجه نحو صناعة مستدامة
على الجانب الآخر، تُعتبر جنوب إفريقيا من الدول الرائدة تقليدياً في صناعة السيارات بالقارة، حيث تعتمد على إستثمارات ضخمة من شركات ألمانية و يابانية وأمريكية مثل BMW و Toyota و Ford، و تنتج ما بين 600 إلى 700 ألف سيارة سنوياً، يُوجَّه جزء كبير منها نحو التصدير إلى أوروبا و الولايات المتحدة.
ومع ذلك، فإن هذا النمو يواجه تحديات هيكلية مثل إضطرابات الطاقة، البيروقراطية، و ضعف البنية التحتية في بعض المناطق، مما يحدّ من توسع القطاع
في حين تراهن جنوب إفريقيا على الحفاظ على موقعها كأكبر منتج سيارات في إفريقيا، فإن المغرب يتقدم بثبات لتجاوزها، مستفيداً من الإستقرار السياسي، تحسين مناخ الأعمال، و إرادة الدولة في تعزيز سلاسل التوريد و التكوين المهني المتخصص.
كما أن التحول نحو السيارات الكهربائية يمنح المغرب فرصة ريادية على مستوى القارة، في وقت تتباطأ فيه إستجابة جنوب إفريقيا لهذا التحول البيئي و الصناعي
بناءً على ذلك، يبدو أن المغرب، بحلول 2030، مرشح لتجاوز جنوب إفريقيا من حيث حجم الإنتاج وجودة التصنيع، خاصة إذا استمر دعم الدولة للقطاع و تسارعت مشاريع السيارات الكهربائية و قطع الغيار عالية القيمة.
وبينما تعتمد جنوب إفريقيا على إرثها الصناعي، يعوّل المغرب على رؤية استشرافية تجمع بين الإستثمارات الأجنبية و القدرات المحلية لبناء نموذج صناعي حديث قادر على المنافسة العالمية
إلى جانب التنافس على حجم الإنتاج، يبرز عامل الإبتكار التكنولوجي كأحد المحددات الرئيسية لمستقبل صناعة السيارات في إفريقيا.
المغرب يسعى إلى تعزيز البحث والتطوير في مجال التقنيات الذكية، مثل القيادة الذاتية، أنظمة السلامة المتقدمة، و التكامل الرقمي داخل المركبات، مما يمنحه ميزة تنافسية إضافية.
هذا التوجه لا يقتصر فقط على تحسين جودة السيارات، بل يهدف أيضًا إلى جذب إستثمارات جديدة في قطاع التكنولوجيا، مما يعزز مكانة المملكة كمركز صناعي متكامل و متطور.