
هومبريس – ج السماوي
في خطوة تعكس طموح المغرب في التحول الطاقي المستدام، يستعد لإطلاق أول حقل ريحي بحري في تاريخه، بقدرة إنتاجية تصل إلى 1000 ميغاواط، بالقرب من مدينة الصويرة.
هذا المشروع الضخم سيكون من بين أولى الإستثمارات التي يمولها “صندوق الشراكة الزرقاء المتوسطية (PBM)”، و هو صندوق متعدد المانحين أُحدث لدعم الإقتصاد الأزرق المستدام في جنوب المتوسط و البحر الأحمر.
تم الإعلان عن المشروع خلال “اليوم المتوسطي” في مدينة نيس الفرنسية، ضمن فعاليات المؤتمر الثالث للأمم المتحدة حول المحيطات (UNOC3)، حيث تم التركيز على أهمية التمويل و الإبتكار كركيزتين أساسيتين لدعم الإقتصاد الأزرق، بحضور مسؤولين حكوميين، خبراء دوليين، و ممثلين عن المجتمع المدني.
إلى جانب المشروع المغربي، تم إختيار مشروعين آخرين للإستفادة من المرحلة الأولى من تمويل الصندوق، أحدهما في الأردن لإعادة تأهيل واحة “أيلا” بخليج العقبة، و الآخر في مصر لبناء محطة لمعالجة المياه العادمة بشرق الإسكندرية، مما يعكس التوجه الإقليمي نحو حلول بيئية مبتكرة.
إسبانيا أعلنت عن مساهمة مالية قدرها 8.5 ملايين يورو لصالح “الشراكة الزرقاء المتوسطية”، مما رفع إجمالي التمويلات المتاحة للصندوق إلى 22 مليون يورو، بفضل مساهمات أخرى من السويد، ألمانيا، فرنسا، و الإتحاد الأوروبي.
هذه الأموال ستُخصص لدعم المشاريع الواعدة التي تواجه صعوبات في الوصول إلى التمويل من البنوك الإنمائية و المؤسسات المالية الكبرى.
مع إطلاق هذه المشاريع النموذجية الثلاثة، يبعث “صندوق الشراكة الزرقاء المتوسطية” إشارة قوية على أن الحلول المبتكرة للنمو المستدام ممكنة، شريطة تظافر الإرادات السياسية و الموارد التقنية و التمويلات.
المغرب، من خلال مشروع الحقل الريحي البحري في الصويرة، يؤكد مكانته كأحد رواد الإنتقال الأزرق في المنطقة المتوسطية، بفضل طموحه في تعزيز السيادة الطاقية و الإلتزام بالتنمية المستدامة.
الحدث شدد على أولويات التعاون بين الدول الـ43 الأعضاء في الإتحاد من أجل المتوسط، و التي تشمل تطوير التكتلات البحرية، إزالة الكربون، حماية التنوع البيولوجي البحري، الوظائف الزرقاء، الطاقات المتجددة، السياحة المستدامة، منع التلوث، و تنمية الإقتصاد الدائري.
منذ إعلان 2015 الوزاري الأول بشأن الإقتصاد الأزرق المستدام، تم تعبئة أكثر من 500 مليون يورو لتمويل أزيد من 250 مشروعاً إقليمياً في هذه المجالات.
المتدخلون في نيس أجمعوا على أن البحر الأبيض المتوسط يمثل مختبراً عالمياً للإنتقال البيئي و الأزرق، مؤكدين أن الإتحاد من أجل المتوسط لعب دوراً رائداً في إرساء و تعزيز الحوار السياسي و التقني حول الإقتصاد الأزرق المستدام على الصعيد الإقليمي.
إضافة إلى ذلك، فإن هذا المشروع الريادي يفتح الباب أمام فرص إستثمارية جديدة، حيث يمكن أن يجذب شركات عالمية متخصصة في الطاقة المتجددة، مما يعزز مكانة المغرب كمركز إقليمي للطاقة النظيفة.
كما أن نجاح هذا المشروع قد يشجع دولاً أخرى في المنطقة على تبني مشاريع مماثلة، مما يسهم في توسيع نطاق الإقتصاد الأزرق في البحر الأبيض المتوسط.
علاوة على ذلك، فإن المشروع سيساهم في خلق فرص عمل جديدة، سواء خلال مرحلة البناء أو التشغيل، مما سيدعم التنمية الإقتصادية المحلية و يعزز مهارات الشباب المغربي في مجالات التكنولوجيا و الطاقة المتجددة، مما يجعله نموذجاً يحتذى به في المنطقة.