
هومبريس – ح رزقي
في تحول سياسي غير مسبوق، أعلن حزب “رمح الأمة”، الذي أسسه نيلسون مانديلا و يقوده اليوم الرئيس السابق جاكوب زوما، دعمه الكامل للسيادة المغربية على الصحراء، معتبراً أن مبادرة الحكم الذاتي المغربية هي الحل الواقعي الوحيد لإنهاء النزاع المفتعل في هذا الإقليم.
هذا الموقف، الصادر عن ثالث أكبر قوة سياسية في جنوب إفريقيا، يحمل أبعاداً إستراتيجية عميقة، إذ قد يؤدي إلى إعادة تشكيل المشهد السياسي الإفريقي، خاصة و أن بريتوريا كانت لعقود من أبرز الداعمين لجبهة البوليساريو.
في وثيقة بعنوان “شراكة استراتيجية من أجل الوحدة الإفريقية و التحرر الإقتصادي و السلامة الترابية”، أكد الحزب أن دعمه للمغرب ينبع من التزامه بالمبادئ الأساسية لتحرر إفريقيا، مشيراً إلى أن الصحراء كانت دائماً جزءاً من المغرب قبل الإستعمار الإسباني، و أن المسيرة الخضراء عام 1975 كانت عملاً سلمياً للتحرر، و ليس غزواً.
لم يكتف الحزب بتأكيد شرعية الموقف المغربي تاريخياً و قانونياً، بل طالب المجتمع الدولي بتبني مقترح الحكم الذاتي كحل فعال لضمان السلام و الإزدهار للساكنة الصحراوية، ضمن وحدة المغرب الترابية.
كما اقترح خارطة طريق طموحة لتعزيز العلاقات مع المغرب، تشمل التنسيق الدبلوماسي، مشاريع إقتصادية مشتركة، التعاون الأمني، و برامج تعليمية وثقافية، مما يعكس رؤية جديدة للعلاقات الإفريقية تقوم على التكامل و التعاون بدلاً من النزاعات الإيديولوجية القديمة.
أهمية هذا الموقف لا تكمن فقط في رمزيته أو توقيته، بل في كونه صادراً عن حزب يحمل شرعية تاريخية نضالية في جنوب إفريقيا، و يمتلك وزناً سياسياً حقيقياً داخل البرلمان والمجتمع.
كما أن دعم حزب “رمح الأمة” لسيادة المغرب يعكس تآكلاً تدريجياً في جبهة الدعم الإفريقي التقليدي لجبهة البوليساريو، و يفتح الباب أمام تحالفات جنوب-جنوب جديدة أكثر براغماتية.
الوثيقة لم تغفل البعد التاريخي لعلاقات الرباط بجنوب إفريقيا، حيث ذكرت بأن المغرب كان أول دولة تقدم الدعم المالي و العسكري لحزب رمح الأمة سنة 1962 خلال نضاله ضد نظام الفصل العنصري، معتبرة أن الوقت قد حان لرد الجميل عبر موقف مبدئي يعترف بعدالة قضية المغرب في الصحراء.
واختتم الحزب رؤيته بالتأكيد على أن الدفاع عن سيادة الدول الإفريقية هو خط أحمر، محذراً من خطورة النزعات الإنفصالية التي تهدد الإستقرار في القارة.
وفي تلميح واضح للأوضاع الداخلية بجنوب إفريقيا، أوردت الوثيقة : “كما ندافع عن وحدة أراضينا في جنوب إفريقيا، نرفض المساس بوحدة أراضي المغرب، و نؤمن أن الوحدة الإفريقية لا يمكن أن تبنى على دعم مشاريع الإنفصال بل على السيادة و التكامل و الإحترام المتبادل”.