
هومبريس – ح رزقي
في إنجاز علمي غير مسبوق، نجح علماء جامعة مونتريال في اكتشاف جزيء دقيق من الحمض النووي الريبي “مايكرو آر إن إيه” (microRNA)، الذي يلعب دوراً حاسماً في حماية الشعيرات الدموية الحيوية للكلى ودعم وظائفها بعد الإصابات الشديدة.
تُعد هذه الشعيرات الدموية أساسية لتصفية الدم من الفضلات ونقل الأكسجين و العناصر الغذائية، لكن الإصابات الناتجة عن الإنقطاع المؤقت لتدفق الدم قد تؤدي إلى انخفاض عددها، مما يُسبب خللاً خطيراً في وظائف الكلى، و قد يكون مؤشراً على الفشل الكلوي المزمن.
حتى الآن، لم يكن هناك مؤشر موثوق للتحقق من صحة هذه الأوعية الدقيقة، لكن هذا الإكتشاف يمثل طفرة في أساليب التشخيص و الوقاية من مرض الكلى المزمن.
أظهرت الدراسة، التي نُشرت في مجلة JCI Insight، أن هذا المؤشر الحيوي يمكن أن يساعد في تقييم صحة الأوعية الدموية الدقيقة لدى المرضى الأكثر عرضة للخطر، مثل المسنين أو الذين يخضعون لعمليات جراحية تتطلب توقف تدفق الدم مؤقتاً، كما هو الحال في عمليات زرع الأعضاء أو التدخلات القلبية الوعائية.
الأمر الأكثر إثارة هو أن حقن هذا المايكرو آر إن إيه في فئران مصابة بإصابات كلوية ساعد في الحفاظ على الشعيرات الدموية الدقيقة و الحد من الضرر الذي يلحق بالكلى، مما يفتح الباب أمام علاج وقائي محتمل.
العلماء يعملون الآن على تقنيات بديلة لنقل المايكرو آر إن إيه إلى الكلى، مما قد يكون مفيداً ليس فقط لمرضى الفشل الكلوي، ولكن أيضاً لمن يعانون من قصور القلب، قصور الرئة، و بعض الأمراض العصبية التنكسية.
إضافة إلى ذلك، يفتح هذا الاكتشاف الباب أمام تطوير علاجات جديدة تعتمد على الهندسة الوراثية، حيث يمكن إستخدام تقنيات تعديل الجينات لتعزيز إنتاج هذا النوع من الحمض النووي الريبي داخل الجسم، مما يوفر حلاً طويل الأمد للحفاظ على صحة الأوعية الدموية الدقيقة.
كما أن هذا البحث قد يكون له تطبيقات مستقبلية في مجال الطب التجديدي، حيث يمكن أن يساعد في إصلاح الأنسجة التالفة و تحفيز نمو أوعية دموية جديدة، مما يعزز فرص التعافي لدى المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة تؤثر على الدورة الدموية.
هذا الإكتشاف قد يُحدث ثورة في مجال الطب، حيث يمكن أن يساعد في تحسين صحة ملايين المرضى حول العالم عبر تشخيص مبكر و علاج أكثر فعالية.