
هومبريس – ي فيلال
في تطور يُنذر بتداعيات خطيرة على أمن القارة الأوروبية، حذّرت الصحيفة الإيطالية المرموقة Atlantico Quotidiano من المنزلقات الأمنية المتسارعة التي تشهدها منطقة الساحل، و خصوصاً ما يتعلق بتنامي دور جبهة البوليساريو في شبكات التهريب و التطرف العابر للحدود.
وجاءت هذه التحذيرات في مقالة تحليلية بعنوان : “إنذار في الساحل : خطر إقامة ملاذ جهادي خارج السيطرة على أبواب أوروبا”، رصدت فيها الصحيفة مشهداً مقلقاً يتجاوز الخطاب الإنفصالي نحو معطى أمني بالغ الخطورة.
فلم تعد البوليساريو مجرد حركة مدعومة من الجزائر، بل باتت، بحسب المقال، جزءاً عضوياً من شبكة عنف إقليمي تقوّض الإستقرار في الشريط الصحراوي الإفريقي.
ووصفت الصحيفة معسكرات تندوف بأنها مناطق معتمة خارجة عن السيطرة، تستغلها الجماعة لتدريب المسلحين و تأمين حركتهم، تحت غطاء من الحماية الجزائرية السياسية و اللوجستية، في مشهد يعكس تورطاً رسمياً يكاد يكون علنياً
وتتجلى خطورة الوضع في التسلل الناعم الذي تمارسه البوليساريو عبر برامج “إنسانية” مشبوهة على غرار “سفراء السلام”، التي تستهدف إرسال أطفال من تندوف إلى أوروبا بهدف التخييم، بينما تُوظف كأداة دعائية لبث الخطاب الإنفصالي، و التأثير على الرأي العام الغربي عبر بوابة الجمعيات اليسارية المتعاطفة.
وتحذر الصحيفة من أن هذه البرامج قد تكون واجهة لاختراق محتمل للأمن الأوروبي، سواء من خلال زرع خلايا نائمة، أو تكوين حواضن فكرية تُغذي العداء و تُهدد التماسك الإجتماعي الداخلي.
وهو ما يستدعي يقظة إستخباراتية أوروبية، و تعاوناً أمنياً وثيقاً مع دول محورية في المنطقة، و على رأسها المغرب.
المقال لا يُخفي إعجابه بالكفاءة المغربية في مجال مكافحة الإرهاب، حيث تملك الرباط سجلاً حافلاً بالتدخلات الإستباقية الناجحة داخل المغرب و خارجه، إضافة إلى علاقات تعاون إستخباراتي فعالة مع عدة دول أوروبية.
هذا يجعل من المغرب حليفاً موثوقاً في مواجهة التهديدات المعقدة التي تُحاك من الجنوب.
كما سلط المقال الضوء على دعوات متصاعدة في أوساط برلمانية أوروبية وأمريكية لإدراج البوليساريو ضمن قوائم الإرهاب، إستناداً إلى صلاتها الوثيقة مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي و جماعات تنشط ضمن فلك “داعش”، فضلاً عن إنخراطها في عمليات إختطاف و إتجار بالسلاح.
وتأتي هذه التحذيرات في لحظة حرجة، إذ يُظهر النظام الجزائري إصراراً على توظيف البوليساريو كورقة ضغط إقليمية للهروب من أزماته الداخلية، على حساب استقرار جواره الإفريقي و أمن المتوسط بأكمله.
فتحويل جزء من أراضيه إلى معسكر مفتوح لتجنيد و تدريب المسلحين، يضعه في قلب تساؤلات دولية محرجة حول مسؤوليته في تأجيج بؤر التوتر العابرة للحدود.
إن تطور خطاب الإعلام الأوروبي تجاه قضية البوليساريو يعكس تحوّلاً نوعيًا : من التعاطف الرمزي إلى التحليل الواقعي لمصدر تهديد متصاعد.
لقد بات واضحاً أن هذا الكيان الإنفصالي لم يعد مشروعاً سياسياً بل بات أداة حركية ضمن محور التخريب الجيوسياسي.
وفي ختام المقال، تُطلق الصحيفة الإيطالية تحذيراً صريحاً : أوروبا لم تعد بمنأى عن هذا التهديد، و المغرب هو الشريك الطبيعي الذي يستطيع إحتوائه، قبل أن يتحول إلى خطر متجذر داخل العواصم الأوروبية ذاتها.