
هومبريس – ع ورديني
في تحول إستراتيجي لافت، رسّخت المملكة المغربية مكانتها كمنصة صناعية رائدة في مجال الطيران، مستقطبة كبرى الشركات العالمية العاملة في هذا القطاع عالي التكنولوجيا.
هذا التموقع لم يكن وليد الصدفة، بل ثمرة رؤية واضحة استثمرت في البنية التحتية، التكوين المتخصص، و سلاسل إنتاج متكاملة، ما جعل من المغرب وجهة تنافسية على الصعيد الدولي.
ويتركّز النشاط الصناعي للطيران في محيط مدن كبرى مثل الدار البيضاء، طنجة، الرباط و فاس، حيث تنتشر مناطق صناعية متخصصة تحتضن وحدات إنتاج متقدمة تُصنّع هياكل الطائرات، المكونات الهيكلية، الكابلات، و التجهيزات الداخلية، وفقاً لأعلى المعايير الدولية.
هذا التمركز الجغرافي يُترجم رغبة المملكة في بناء أقطاب صناعية جهوية تُعزّز التخصص و تُحفّز التنافسية.
تُعد الكلفة التشغيلية المنخفضة أحد أبرز عوامل الجذب، إذ لا تتجاوز تكلفة ساعة العمل في المغرب 25 يورو، مقارنة بـ100 إلى 120 يورو في أوروبا و أمريكا.
هذا الفارق يُشكّل عنصراً حاسماً في تعزيز جاذبية المملكة، خاصة في ظل بيئة قانونية مستقرة، و حوافز ضريبية مشجعة، و شراكات إستراتيجية مع فاعلين دوليين
يُعزّز المغرب موقعه من خلال موارده البشرية المؤهلة، حيث يتم تكوين نحو 23 ألف مهندس سنوياً، من بينهم 400 يتجهون مباشرة إلى قطاع الطيران.
كما أن المملكة تُراهن على الذكاء الصناعي و التصنيع الذكي لتطوير سلسلة القيمة، ما يُمكّنها من مواكبة التحولات التكنولوجية المتسارعة في هذا المجال الحيوي.
وقد شهد القطاع دفعة قوية خلال معرض باريس الدولي للطيران، حيث تم توقيع إتفاقية شراكة جديدة مع شركة “بوينغ” الأمريكية، لإنتاج قطع غيار ألمنيوم لطائرة 737 ماكس، بشراكة مع “الدار البيضاء للطيران”، فرع المجموعة الفرنسية “فيجياك آيرو”، في استمرارية لإتفاق 2016 بين بوينغ و السلطات المغربية.
وفي هذا السياق، أكد وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، أن المملكة تحتضن اليوم 150 مقاولة عاملة في قطاع الطيران، تُحقق رقم معاملات سنوي يُناهز 2.5 مليار يورو، و تُوفر 26 ألف منصب شغل بدوام كامل.
كما عبّر عن طموح المغرب في توسيع عرضه الصناعي ليشمل تجهيز مقصورات الطائرات و تصنيع أجهزة الهبوط، وصولاً إلى تجميع الطائرات التجارية بالكامل في أفق عشر سنوات.