
هومبريس – ج السماوي
في خطوة دبلوماسية لافتة، يستعد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي للقيام بزيارة رسمية إلى المملكة المغربية مطلع يوليوز المقبل، في مستهل جولة تشمل دولاً من إفريقيا و أمريكا اللاتينية و غرب آسيا.
اختيار الرباط كأول محطة في هذه الجولة يُجسّد إدراك نيودلهي المتزايد لمكانة المغرب كفاعل إقليمي صاعد و شريك إستراتيجي في شمال إفريقيا.
الزيارة، التي طال انتظارها بعد تأجيلات بروتوكولية، تأتي في سياق دولي متقلب، حيث تسعى الهند إلى تنويع تحالفاتها و تعزيز حضورها في الجنوب العالمي.
ويُنظر إلى المغرب كبوابة جيوسياسية نحو إفريقيا، و ركيزة للإستقرار الإقليمي، خاصة في ظل خبرته في مكافحة الإرهاب و التعاون الإستخباراتي، وهي أولويات تتقاطع مع المصالح الهندية، لا سيما بعد الهجمات الأخيرة في كشمير.
العلاقات بين الرباط و نيودلهي ليست وليدة اللحظة، بل تعود إلى عقود، و تكرّست بشكل نوعي منذ الزيارة الملكية لجلالة الملك محمد السادس إلى الهند سنة 2015، و التي فتحت آفاقاً جديدة للتعاون في مجالات الطاقة المتجددة، الإستثمار، الصناعات الدوائية، و التكوين الدبلوماسي.
المرحلة المقبلة من العلاقات المغربية-الهندية تُبشّر بإنتقال نوعي نحو مجالات أكثر حساسية، أبرزها التعاون الدفاعي.
فقد بدأت ملامح هذا التعاون تظهر من خلال تبادل الخبرات في الأمن السيبراني و مكافحة الإرهاب، مع توقعات بإطلاق مشاريع مشتركة في الصناعات الدفاعية أو برامج تدريب عسكري متقدمة، ما يُعزّز مناعة البلدين في مواجهة التحديات الأمنية المتصاعدة.
الزيارة المرتقبة تُجسّد أيضاً رغبة الطرفين في بناء تحالف جنوب-جنوب أكثر دينامية، يقوم على المصالح المتبادلة و الإستقلالية عن المحاور التقليدية.
فالمغرب و الهند يتقاطعان في رؤيتهما لتعزيز صوت الجنوب في المحافل الدولية، و يدعمان نموذجاً للتعاون قائمًا على التوازن و الندية، بعيداً عن منطق التبعية أو الهيمنة.
في ظل السياسة المتبصرة التي يقودها جلالة الملك محمد السادس، القائمة على تنويع الشركاء و الإنفتاح على القوى الآسيوية الصاعدة، تبدو المملكة مستعدة للإرتقاء بعلاقتها مع الهند إلى مستوى شراكة إستراتيجية متعددة الأبعاد، تُعيد رسم ملامح التوازنات الجيوسياسية في المنطقة.