
حميد رزقي
في إطار الجهود المبذولة لتعزيز العرض الصحي وتقريب الخدمات من المواطنين، تتواصل الاستعدادات لإعطاء الانطلاقة الرسمية لخدمات المستشفى الإقليمي الجديد بمدينة الفقيه بن صالح، الذي يُرتقب أن يشكّل دعامة أساسية للقطاع الصحي بالإقليم، ورافعة لفك العزلة الصحية عن عشرات الآلاف من المواطنين.
هذا الورش الاستشفائي الكبير يأتي في إطار رؤية شاملة لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية تهدف إلى تقليص الفوارق المجالية في الولوج إلى الخدمات الطبية، وتعزيز العدالة الترابية في توزيع البنيات الصحية. ويكتسي المشروع أهمية مضاعفة بالنظر إلى الخصاص المزمن الذي عاناه الإقليم لسنوات، واضطرار الساكنة إلى التنقل إلى مستشفيات بني ملال أو الدار البيضاء أو مراكش للحصول على أبسط العلاجات، وهو ما أثقل كاهل الأسر من الناحية المادية وأثر على جودة الرعاية الصحية.
في هذا السياق، قام المدير الجهوي للصحة بجهة بني ملال خنيفرة، الدكتور كمال الينصلي، بزيارة ميدانية للموقع من أجل الوقوف عن كثب على سير الأشغال، والتنسيق مع الأطقم التقنية والمقاولات المشرفة لتجاوز بعض الإكراهات التقنية واللوجستيكية التي تعرقل إنهاء المشروع في آجاله. وتم خلال هذه الزيارة عقد اجتماع موسع بمقر عمالة الإقليم، برئاسة عامل الفقيه بن صالح، وحضور المندوب الإقليمي للصحة وممثلي الشركات المكلفة، حيث تم الاتفاق على تسريع وتيرة العمل وتحديد سقف زمني واضح للتسليم النهائي للمستشفى.
من حيث المواصفات التقنية، بلغت الكلفة الإجمالية لإنجاز هذا المشروع ما يناهز 290 مليون درهم، وهو ما يعكس حجم الرهان المؤسساتي على هذه المنشأة. وتبلغ الطاقة الاستيعابية للمستشفى 250 سريرا، موزعة على أقسام متعددة تشمل الجراحة العامة، طب الأطفال، العناية المركزة، الولادة، المستعجلات، والمختبر، إلى جانب مرافق إدارية وخدمات دعم مرافقة. وتم تشييد البناية وفق تصميم حديث يمتد على طابق تحت أرضي وطابق أرضي وثلاثة طوابق علوية، مع اعتماد تجهيزات بيوطبية حديثة تستجيب للمعايير الوطنية في السلامة وجودة الرعاية.
هذا المشروع يندرج كذلك ضمن الأوراش المهيكلة التي تسعى الدولة إلى تنزيلها ميدانيًا، خاصة في ظل تفعيل ورش تعميم الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية الشاملة، ويُتوقع أن تواكبه جهود إضافية على مستوى التكوين واستقطاب الموارد البشرية الطبية وشبه الطبية، من أجل تأمين انطلاقته في أحسن الظروف، وضمان استمرارية خدماته بجودة عالية.
إن الدينامية التي يعرفها هذا المشروع، من خلال تتبع دقيق من طرف المديرية الجهوية للصحة والسلطات الجهوية والإقليمية، تشكل مؤشرا على وعي جماعي بأهمية الصحة كأولوية تنموية واستثمار اجتماعي بامتياز. ويبقى الأمل معقودًا على أن تتم أشغال التجهيز والتأهيل في الآجال المحددة، حتى يرى المستشفى الإقليمي الجديد النور قريبًا، ويضع حدًا لمعاناة آلاف الأسر مع الخصاص في الخدمات الصحية الأساسية.
ويأمل السكان أن يشكل هذا المستشفى الجديد تحولا حقيقيا في واقعهم الصحي اليومي، إذ لا يتعلق الأمر فقط ببناية من الإسمنت، بل بمنظومة متكاملة من الخدمات التي ستتيح لهم الحصول على العلاجات الأساسية والمتخصصة داخل الإقليم، دون الحاجة إلى التنقل المكلف صوب مراكز استشفائية بعيدة. كما أن قرب المستشفى من عدد من الجماعات القروية سيمكن من تسريع التدخل في الحالات الحرجة وتقليص مدة الانتظار داخل باقي مستشفيات الجهة.