
هومبريس – م أبراغ
في حادثة مأساوية هزّت الرأي العام المحلي و الوطني، لقي طفل قاصر يُدعى “محمد” مصرعه في ظروف لا تزال يكتنفها الغموض حتى اللحظة، و ذلك بجماعة أغبالو أسردان بإقليم ميدلت (جهة درعة تافيلالت)، حيث كان يعمل قيد حياته راعياً للغنم.
الواقعة الأليمة خلّفت موجة واسعة من الغضب و الإستنكار، خاصة في ظل تضارب المعطيات المتداولة بشأن ملابسات الوفاة، و ظهور مؤشرات متزايدة تُضعف فرضية الإنتحار، و تُرجّح، بشكل مقلق، احتمال تعرّض الطفل (15 عاماً) لجريمة قتل مروّعة.
النبأ انتشر بسرعة بين سكان المنطقة، الذين عبّروا عن صدمتهم العميقة و استيائهم الشديد إزاء ما وصفوه بـ”الرحيل الغامض و المفاجئ” للطفل، مطالبين بكشف الحقيقة كاملة، بكل وضوح و شفافية، دون تأخير أو تلاعب.
ومع تصاعد الشكوك و تنامي الغموض المحيط بالقضية، دخلت هيئات مدنية و حقوقية و سياسية على الخط، أبرزها المكتب الإقليمي للشبيبة الإتحادية بميدلت، الذي أصدر بياناً شديد اللهجة استنكر فيه ما اعتبره صمتاً رسمياً مقلقاً، محذراً من محاولات محتملة لطمس الحقيقة أو التستر على تفاصيل الحادث.
البيان، الذي توصلت به وسائل إعلام محلية، أشار بوضوح إلى أن المعطيات الأولية المتداولة تُعزّز بشكل لافت فرضية القتل، داعياً إلى فتح تحقيق فوري، نزيه و شفاف، مع تحميل المسؤولية الكاملة لكل من يثبت تورطه، حفاظاً على ثقة المواطنين في العدالة، و مصداقية مؤسسات الدولة، و احترام سيادة القانون.
وفي خضم هذا التوتر المتصاعد و القلق المجتمعي المتزايد، طالبت الشبيبة الإتحادية، في موقف حازم، النيابة العامة بمحكمة الإستئناف بالرشيدية، بضرورة التعاطي الجاد و المسؤول مع هذا الملف الحساس، بما يليق بخطورة الواقعة، و حجم تداعياتها النفسية و الإجتماعية، و تطلعات الرأي العام المحلي إلى الإنصاف، مؤكدة تضامنها الكامل و غير المشروط مع أسرة الضحية، و حقها المشروع في معرفة الحقيقة و إنصاف إبنها دون مماطلة أو تهاون.
أثارت هذه الفاجعة المؤلمة تساؤلات جوهرية حول هشاشة أوضاع الأطفال في المناطق الجبلية و النائية، حيث يُجبر العديد منهم، في ظل غياب البدائل، على الإنخراط في أعمال شاقة في سن مبكرة، وسط غياب شبه تام لمنظومة الحماية الإجتماعية، و إفتقار واضح لبرامج الدعم و الرعاية الموجهة لهذه الفئة الضعيفة.
وفي هذا السياق، دعت فعاليات حقوقية و مدنية إلى بلورة سياسات عمومية شاملة و مستدامة تُعزز من حماية الطفولة القروية، و تُوفر بدائل إقتصادية و إجتماعية حقيقية للأسر المعوزة، بما يضمن كرامة الأطفال وحقهم في التعليم و الحياة الكريمة، بعيداً عن الإستغلال أو الإهمال.
في ظل الصدمة العميقة و الحزن الجماعي الذي خلّفته هذه المأساة، ناشد فاعلون جمعويون و حقوقيون الجهات المختصة بضرورة توفير مواكبة نفسية عاجلة و متكاملة لأسرة الطفل، خاصة أن الفاجعة وقعت في سياق اجتماعي هش و مثقل بالضغوط الإقتصادية و العاطفية، ما يُضاعف من آثارها النفسية و الإنسانية على المحيط العائلي و المجتمعي، و يستدعي تدخلاً فورياً لتخفيف تداعياتها المؤلمة.