
هومبريس – ح رزقي
مع اشتداد حرارة الصيف، يلجأ كثيرون إلى تشغيل المروحة أثناء النوم بحثًا عن نسمة هواء منعشة تخفف من وطأة الحر و تمنحهم شعوراً بالراحة.
ورغم أن هذه العادة تبدو مريحة وآمنة في ظاهرها، إلا أن الأطباء يشيرون إلى أنها قد تحمل في طياتها آثاراً صحية غير متوقعة، خصوصاً إذا لم تُستخدم المروحة بطريقة مدروسة و معتدلة.
النوم تحت المروحة يمنح إحساساً فورياً بالإنتعاش، و يساعد على خفض حرارة الجسم، مما يُحسن جودة النوم و يقلل من التعرق الليلي المزعج.
كما أن دوران الهواء داخل الغرفة يمنع الشعور بالإختناق، و يُسهم في تقليل الرطوبة، و هو أمر بالغ الأهمية في البيئات الحارة أو المغلقة.
أما صوت المروحة المنتظم، فيُعرف بـ”الضوضاء البيضاء”، و هو عامل مهدئ يساعد البعض على الإستغراق في النوم بسرعة، و يخلق بيئة صوتية مستقرة تُخفف من التوتر العصبي و تُقلل من إضطرابات النوم.
لكن في المقابل، فإن توجيه الهواء مباشرة نحو الجسم أثناء النوم قد يؤدي إلى جفاف الأغشية المخاطية في الأنف و الحلق، مما يُضعف الدفاعات الطبيعية للجهاز التنفسي و يزيد من إحتمالية الإصابة بالتهابات موسمية أو نزلات برد متكررة.
كما أن التعرض المستمر للهواء البارد قد يُسبب تيبساً في عضلات الرقبة والظهر، خاصة لدى من يعانون من مشاكل عضلية أو مفصلية مزمنة، مما يؤدي إلى تفاقم الألم أو صعوبة الحركة عند الإستيقاظ.
المروحة لا تُحرك الهواء فقط، بل تُعيد توزيع الغبار و حبوب اللقاح في الغرفة، ما قد يُفاقم أعراض الحساسية أو الربو لدى الأشخاص الحساسين.
وقد أظهرت دراسات أن إستنشاق هذه الجزيئات الدقيقة أثناء النوم قد يؤدي إلى تهيج الجهاز التنفسي، و ظهور أعراض مثل السعال، الإحتقان، أو حتى نوبات الربو.
لذلك، يُنصح بتنظيف شفرات المروحة بانتظام و إستخدام أجهزة تنقية الهواء أو مرشحات الغبار لتقليل هذه المخاطر، خصوصاً في البيئات المغلقة أو قليلة التهوية.
زيادة تبخر العرق بفعل الهواء المتواصل قد يؤدي إلى فقدان السوائل دون أن يشعر الشخص بذلك، ما يُعرض الجسم للجفاف الليلي.
لهذا السبب، يُفضل شرب الماء قبل النوم، و إستخدام جهاز ترطيب للحفاظ على توازن الرطوبة في الغرفة، خاصة في المناطق الجافة أو خلال موجات الحر الشديدة التي تُجهد الجسم و تُسرّع فقدان السوائل.
يمكن إستخدام المروحة بأمان إذا لم تكن موجهة مباشرة نحو الجسم، و إذا كانت الغرفة خالية من تيارات الهواء القوية.
كما يُفضل تشغيلها على وضع الدوران، وتجنب استخدامها في حال وجود أمراض مزمنة في الأنف أو الحلق، أو لدى من يعانون من الربو أو الحساسية.
أما الأشخاص الذين يعانون من ضعف في المناعة أو التهابات مزمنة، فيُنصحون بتفادي المروحة تماماً أثناء النوم، أو على الأقل تقليل استخدامها قدر الإمكان.
تشير دراسات حديثة إلى أن النوم في بيئة معتدلة الحرارة مع صوت ثابت كصوت المروحة قد يُحسن من نوعية النوم و يُقلل من اضطراباته، خاصة لدى من يعانون من الأرق أو القلق الليلي.
لكن هذا التأثير الإيجابي لا يجب أن يُغفل الجوانب الصحية الأخرى، خصوصاً لدى الفئات الأكثر هشاشة مناعيًا، مثل الأطفال وكبار السن، الذين قد يتأثرون بسرعة بتغيرات الحرارة أو تيارات الهواء المباشرة.
النوم تحت المروحة ليس خطراً بحد ذاته، لكنه يصبح كذلك إذا أُسيء استخدامه أو تم تجاهل الإشارات التحذيرية للجسم، و التوازن بين الراحة و الإحتياطات الصحية هو المفتاح.
فكما أن المروحة تُنعش الجسد و تُخفف من حرارة الليل، قد تُرهقه إذا لم تُستخدم بوعي و إعتدال، خاصة في بيئات غير مهيأة أو لدى أشخاص ذوي حساسية خاصة.