الرئيسية

عبد النباوي يطلق ورش توحيد الهوية البصرية للأحكام القضائية.. نحو عدالة أكثر مهنية و وضوحاً

هومبريسح رزقي 

في خطوة تنظيمية غير مسبوقة، أطلق محمد عبد النباوي، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ورشاً وطنياً لتوحيد الهوية البصرية للمقررات القضائية، من خلال مذكرة رسمية وُجّهت إلى الرؤساء الأولين لمحاكم الإستئناف ورؤساء المحاكم الإبتدائية، و ذلك بهدف تعزيز جودة الأحكام القضائية و تكريس صورة مؤسساتية موحدة للقضاء المغربي.

الدورية، المؤرخة في 30 يونيو 2025، جاءت استنادًا إلى تقارير المفتشية العامة للشؤون القضائية، التي كشفت عن تفاوتات كبيرة بين المحاكم في الشكل البصري للمقررات، سواء من حيث نوع الخط، أو ترتيب الأجزاء، أو العبارات الإفتتاحية، ما يُضعف منسوب الإنسجام المؤسسي و يؤثر على مهنية الوثيقة القضائية.

ولمعالجة هذا التباين، أعد المجلس الأعلى نماذج موحدة للمقررات القضائية المدنية و الزجرية، تعتمد على عناصر بصرية دقيقة، تشمل إدراج شعار المملكة في رأس الصفحة الأولى، متبوعاً بعبارتي : “أصل الحكم المحفوظ بكتابة الضبط بالمحكمة” و”باسم جلالة الملك و طبقاً للقانون”، مع تنظيم واضح للبيانات الأساسية مثل رقم الملف و تاريخ صدور الحكم.

وتنص النماذج الجديدة على ترتيب المقرر القضائي وفق أربعة أجزاء واضحة : الديباجة، الوقائع، التعليل، و المنطوق، مع اعتماد خط موحد هو “Sakkal Majalla” بحجم 17، و مسافة مزدوجة بين الأسطر، مما يُسهم في وضوح القراءة وسهولة التتبع، و يُقلل من الأخطاء الشكلية التي قد تؤثر على تنفيذ الأحكام أو الطعن فيها.

عبد النباوي دعا المسؤولين القضائيين إلى تعميم هذه النماذج على القضاة، و توفير نسخ منها داخل المحاكم، مع إمكانية تكييف بعض البيانات حسب طبيعة القضايا، دون المساس بالهوية البصرية الموحدة.

كما أشار إلى أن النماذج متاحة للتحميل عبر الموقع الرسمي للمجلس، داعياً إلى التفاعل الإيجابي مع هذه المبادرة، و تقديم إقتراحات لتطويرها.

من الناحية التقنية، يُعد هذا الورش خطوة أساسية نحو رقمنة العدالة و تحديث بنيتها الشكلية، حيث إن توحيد الهوية البصرية يُسهل أرشفة الأحكام، و يُعزز من كفاءة البحث القضائي، و يُمهّد لمرحلة أكثر نجاعة في تدبير الوثائق القضائية إلكترونياً.

أما من الزاوية الرمزية، فإن هذه المبادرة تُكرّس مبدأ المساواة أمام العدالة، حيث يحصل كل متقاضٍ على مقرر قضائي بنفس الشكل و الهيكلة، بغض النظر عن المحكمة أو الجهة، مما يُعزز من هيبة القضاء و يُرسّخ ثقافة الإنضباط المؤسساتي داخل الجسم القضائي.

ويُنتظر أن تُسهم هذه الخطوة في تحسين صورة العدالة المغربية داخلياً و خارجياً، خاصة في ظل التوجه نحو مطابقة المعايير الدولية في الشفافية، المهنية، و جودة الوثائق القضائية، بما ينسجم مع أهداف ميثاق إصلاح منظومة العدالة، و يُعزز ثقة المواطن في مؤسسة القضاء كركيزة أساسية لدولة الحق و القانون.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق