
هومبريس – ي فيلال
في مشهد احتفالي يعكس التزاماً بيئياً راسخاً ومتجددًا، رُفع “اللواء الأزرق” بشاطئ الصويرة للسنة الحادية والعشرين على التوالي، ليؤكد مرة أخرى مكانة المدينة كرمز وطني للتميز في تدبير الشواطئ المغربية، وكنموذج ناجح في التوفيق بين السياحة الساحلية وحماية البيئة.
هذا التتويج، الذي يأتي في إطار البرنامج الوطني “شواطئ نظيفة”، يُعد اعترافًا دوليًا مرموقًا بجودة المياه، ونظافة الفضاءات، وتكامل الخدمات، واحترام المعايير البيئية الصارمة التي تضعها مؤسسة التربية على البيئة، ما يعزز من إشعاع المدينة على الصعيدين الوطني والدولي.
اللواء الأزرق، الذي تمنحه مؤسسة التربية على البيئة، وتبنته مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة منذ سنة 2002، يُعد من أبرز الشارات البيئية العالمية التي تُمنح للشواطئ والموانئ التي تلتزم بمعايير دقيقة تشمل جودة مياه الاستحمام، التوعية البيئية، الأمن، وتدبير النفايات.
وتوالي تتويج الصويرة بهذا اللواء البيئي على مدى عقدين متتاليين يعكس دينامية جماعية متكاملة بين مختلف الفاعلين المحليين والمؤسساتيين، ويؤكد نجاعة المقاربة التشاركية في حماية الفضاءات الساحلية.
الاحتفال برفع اللواء لم يكن مجرد لحظة رمزية عابرة، بل مناسبة لتجديد الالتزام الجماعي بحماية البيئة الساحلية، حيث تخلل الحفل أنشطة ثقافية وموسيقية متنوعة، وأروقة تحسيسية نظمتها جمعيات محلية، إلى جانب ورشات بيئية تفاعلية للأطفال، ركزت على إعادة التدوير، والألعاب التعليمية، والتربية على السلوك البيئي السليم بأساليب مبسطة وهادفة.
هذا الإنجاز لا يُقاس فقط بعدد السنوات، بل بما يرمز إليه من استمرارية في احترام المعايير الدولية، وتطوير البنية التحتية، وتكريس ثقافة بيئية لدى الزوار والسكان المحليين على حد سواء.
وضمان الحفاظ المتواصل على هذا اللواء يتطلب عملاً يوميًا دؤوبًا يشمل التنظيف، المراقبة، التوعية، والتنسيق بين مختلف المتدخلين، في إطار رؤية شمولية تضع البيئة في صلب التنمية المحلية.
من جهة أخرى، يُعد هذا التتويج فرصة لتسليط الضوء على أهمية الشواطئ كرافعة للتنمية المستدامة، ليس فقط من حيث السياحة، بل أيضًا كفضاءات للتربية البيئية، والاندماج المجتمعي، والابتكار في تدبير الموارد الطبيعية.
الفضاء البحري النظيف ليس مجرد وجهة صيفية عابرة، بل هو مرآة حقيقية لوعي جماعي متجذر يحترم الطبيعة ويصونها، ويعكس مستوى النضج البيئي المتقدم الذي بلغته المجتمعات المحلية الساحلية.
ويُشار إلى أن المغرب سيرفع خلال موسم صيف 2025 اللواء الأزرق في 28 شاطئًا، وبحيرة جبلية واحدة، وأربعة موانئ ترفيهية، ليبلغ عدد المواقع الحاصلة على هذه الشارة البيئية 33 موقعًا، ما يضعه في المرتبة 21 عالميًا، والأولى عربيًا، والثانية إفريقيًا، في تصنيف الدول الأكثر التزامًا بالمعايير البيئية الساحلية.
ويُجسد حفاظ الصويرة على هذا اللواء البيئي، عامًا بعد عام، ليس فقط تتويجًا لماضيها البيئي الحافل، بل أيضًا تعهدًا بمستقبل أكثر استدامة تُصان فيه الشواطئ كمساحات للعيش المشترك، والتربية، والاحترام العميق للطبيعة، في انسجام تام مع أهداف التنمية المستدامة ورؤية المغرب البيئية الشاملة.