
هومبريس – ع ورديني
في خطوة غير مسبوقة على المستوى الوطني، صادق مجلس جهة بني ملال خنيفرة، برئاسة عادل براكات، على إتفاقية شراكة مع وزارة الشباب و الثقافة و التواصل – قطاع التواصل، تروم تخصيص دعم سنوي بقيمة 200 مليون سنتيم لفائدة المقاولات الإعلامية الجهوية.
وفي هذا السياق، يُعد القرار، الذي حظي بإجماع أعضاء المجلس خلال الدورة العادية، لحظة فارقة في مسار الصحافة الجهوية، و رسالة سياسية واضحة تعكس إرادة حقيقية في تمكين الإعلام من أداء أدواره الحيوية.
من جانبه، لم يكتفِ عادل براكات، رئيس الجهة، بتوفير الغلاف المالي، بل قدّم تصوراً جديداً للعلاقة بين المؤسسات المنتخبة و المقاولات الصحفية، قائم على الشراكة و الإنفتاح و التقدير المتبادل.
وقد عبّر المسؤول الجهوي عن قناعته بأن الإعلام الجهوي ليس مجرد ناقل للأخبار، بل فاعل أساسي في التنمية، و صوت يعكس نبض الساكنة، و يواكب التحولات المجتمعية و الإقتصادية التي تعرفها الجهة.
إلى جانب ذلك، تُعد هذه المبادرة سابقة في تدبير الشأن الجهوي، إذ جاءت لتكسر سنوات من التهميش المؤسساتي الذي عانت منه الصحافة المحلية، و تفتح الباب أمام نموذج دعم مستدام، يراعي شروط المهنية، و يحفّز على الجودة، و يمنح الصحافيين هامشاً من الكرامة و القدرة على الإستمرار في أداء رسالتهم.
وتكتسي هذه الخطوة أهمية خاصة في ظل التحديات المتزايدة التي تواجهها المقاولات الإعلامية الجهوية، من هشاشة مالية، و غياب بنيات الدعم، و تضييق في فرص التكوين و التطوير المهني.
ومن المنتظر أن يُسهم هذا الدعم في إعادة التوازن للمشهد الإعلامي، و تمكين الصحافة الجهوية من لعب دورها كاملاً في ترسيخ النقاش العمومي المسؤول، و تعزيز الرقابة المجتمعية البناءة.
من جهة أخرى، تفتح هذه المبادرة أفقاً جديداً أمام الجهات الأخرى في المملكة، لتستلهم من تجربة بني ملال خنيفرة، و تعيد النظر في علاقتها بالإعلام المحلي، باعتباره شريكاً لا غنى عنه في بلورة السياسات العمومية الترابية، و تقييم أثرها، و مواكبة تنفيذها ميدانياً.
وفي هذا الإطار، يعكس هذا التوجه وعياً متقدماً لدى مجلس الجهة بأهمية الإستثمار في البنية الإعلامية كرافعة للتنمية، و كمؤشر على نضج ديمقراطي يربط بين حرية التعبير و فعالية الأداء المؤسساتي.
ومن هذا المنطلق، يغدو الإعلام الجهوي، حين يُمكَّن فعلياً من أدواته المهنية و اللوجستية، أكثر من مجرد وسيط ناقل، بل يتحول إلى مرآة صادقة للواقع المحلي، و آلية فعّالة لتقويم السياسات العمومية، و قياس أثرها الميداني، بدل أن يظل صدى باهتًا لقرارات تُصاغ في المركز.
وفي المحصلة، فإن خطوة مجلس الجهة بقيادة عادل البراكات ليست مجرد دعم مالي ظرفي، بل إعلان ناضج عن تحول في الرؤية السياسية تجاه الإعلام الجهوي، و تأكيد على أن لا تنمية حقيقية بدون صحافة حرة، مهنية، و مُمكّنة من أدوات الإشتغال و الكرامة المهنية.