الرئيسية

المغرب يُطلق منظومة رقمية لحماية الطفولة.. تتبع شامل و إدماج فعلي في قلب السياسة الإجتماعية

هومبريسي فيلال 

في خطوة استراتيجية تعكس التزام الدولة بحقوق الطفل، أعلنت وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، نعيمة بن يحيى، أمام مجلس المستشارين، عن قرب إطلاق منظومة معلوماتية مندمجة لحماية الطفولة، تهدف إلى تتبع الحالات من لحظة الرصد إلى غاية الإدماج، مرورًا بالمواكبة والدعم النفسي والاجتماعي، وذلك في إطار رؤية شاملة ترتكز على الوقاية والتدخل المبكر.

وأوضحت الوزيرة أن هذه المنظومة الرقمية ستُعزز قدرات الفاعلين المحليين، وتُسهم في إحداث هياكل قرب، إضافة إلى تعميم مراكز المواكبة تحت إشراف المندوبيات الإقليمية للتعاون الوطني، المؤطرة من طرف فرق متخصصة ذات كفاءة ميدانية وخبرة تراكمية في مجال حماية الطفولة.

كما أشارت إلى إحداث 43 وحدة لحماية الطفولة بشراكة مع جمعيات المجتمع المدني، بكلفة إجمالية تجاوزت 11 مليون درهم، علاوة على برمجة 10 وحدات جديدة سنة 2025، وتوفير 20 وحدة متنقلة خلال سنة 2024، تشتغل أساسًا مع الأطفال في وضعية الشارع، وتُشكل حلقة وصل بين التدخل الميداني والاستجابة المؤسساتية.

وقد مكّنت هذه الهياكل من إدماج حوالي 1400 طفل وطفلة خلال سنة 2024، بينما استفاد 1099 طفلًا من خدمات الإسعافات الاجتماعية في النصف الأول من سنة 2025، وهو ما يعكس فعالية المقاربة الميدانية في الوصول إلى الفئات الأكثر هشاشة.

فضلًا عن ذلك، تم إدماج 259 طفلًا في برامج التكوين المهني والتدرج الحرفي، و585 طفلًا في مسارات إعادة الإدماج المدرسي، ما يُبرز تنوع آليات التدخل وتكاملها بين ما هو تربوي وتأهيلي.

وأكدت الوزيرة أن تحسين جودة التكفل داخل مؤسسات الرعاية الاجتماعية يتواصل بوتيرة تصاعدية، من خلال إصدار النصوص التنظيمية الخاصة بهذه المؤسسات، وتعزيز آليات الدعم النفسي لمعالجة الصدمات، بما يضمن بيئة آمنة ومحفزة لنمو الأطفال في ظروف تحفظ كرامتهم وتُراعي احتياجاتهم الخاصة.

من جهة أخرى، أبرزت بن يحيى أن تقييم البرنامج التنفيذي الأول كشف عن مكتسبات مهمة، من بينها تقوية الإطار التشريعي، وتعزيز آليات الحكامة، وتطوير بنيات الحماية داخل المحاكم والمستشفيات ومصالح الأمن والدرك، إلى جانب دعم جهود التعاون الوطني والجمعيات الشريكة.

في هذا السياق، أظهر التقييم ذاته عددًا من التحديات، لاسيما ما يتعلق بالتنزيل الترابي لتدابير السياسة العمومية، وتفعيل الأجهزة الترابية المندمجة لحماية الطفولة، وتعدد المتدخلين في القضايا المرتبطة بهذه الفئة، مما يستدعي تنسيقًا مؤسساتيًا أكثر نجاعة.

وبناءً على هذه الخلاصات، تعمل الوزارة على إعداد البرنامج الوطني التنفيذي الثاني برسم سنة 2026، والذي يضع مصلحة الطفل الفضلى في صلب العمل الحكومي، مستندًا إلى التوجيهات الملكية السامية، والمقتضيات الدستورية، وتوصيات لجنة حقوق الطفل إثر فحص التقريرين الثالث والرابع بشأن تنفيذ اتفاقية حقوق الطفل.

إضافة إلى ذلك، يُولي البرنامج الجديد أهمية خاصة لبعد الوقاية، لما له من دور محوري في تقليص كلفة الحماية وتفادي مختلف أشكال العنف والتمييز ضد الأطفال، كما يركز على توسيع عرض الخدمات لتحقيق العدالة المجالية، وابتكار جيل جديد من الخدمات يراعي مختلف مراحل الطفولة، ويُعزز التنمية الذاتية والترفيه.

المنظومة الرقمية الجديدة لا تقتصر على التتبع الإداري، بل تُعد أداة استراتيجية لتوحيد قواعد البيانات، وتسهيل التنسيق بين القطاعات، وضمان التدخل السريع في الحالات المستعجلة، مما يُكرّس تحولًا نوعيًا نحو عدالة اجتماعية رقمية تُراعي حقوق الطفل وتُعزز مبدأ الوقاية بدل التدخل المتأخر.

وفي ظل التزامات المملكة الدولية، تُعد هذه المبادرة نموذجًا قابلًا للتوسيع والتصدير، خاصة في ظل إشادة المنظمات الأممية بالتجربة المغربية في مجال حماية الطفولة، وحرصها على إدماج البعد الحقوقي في السياسات العمومية، بما يضمن استدامة الجهود ويُعزز صورة المغرب كفاعل ملتزم في قضايا الطفولة على الصعيدين الإقليمي والدولي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق