
هومبريس – ح رزقي
في ظل الارتفاع المتزايد في درجات الحرارة خلال فصل الصيف، تُحذر الأخصائية في أمراض الباطنية، الدكتورة ناديجدا تشيرنيشوفا، من خطورة التعرض لضربة الشمس وضربة الحر، مشيرة إلى أن كلتا الحالتين تختلفان من حيث الأسباب والمضاعفات، إلا أنهما تُشكلان تهديدًا حقيقيًا للصحة العامة، خصوصًا لدى الفئات الهشة كالأطفال وكبار السن، وذوي الأمراض المزمنة.
وتوضح الطبيبة أن ضربة الحر تحدث نتيجة التواجد في أماكن مغلقة ذات حرارة مرتفعة، مع غياب التهوية الجيدة، مما يؤدي إلى اختلال في تنظيم حرارة الجسم، ويُسبب إجهادًا حراريًا قد يتفاقم بسرعة إذا لم يُعالج في الوقت المناسب.
أما ضربة الشمس، فتنجم عن التعرض المباشر والمطول لأشعة الشمس، خاصة الأشعة فوق البنفسجية، وتُعد أكثر خطورة بسبب تأثيرها المباشر على الأعضاء الحيوية، مثل الدماغ والقلب والكلى، مما يجعلها من الحالات الحرارية الحرجة التي تستدعي تدخلًا عاجلًا.
وتُعد ضربة الشمس حالة طبية طارئة، إذ يمكن أن تؤدي إلى اضطرابات حادة في الجهاز العصبي المركزي، القلب، والكلى، وقد تصل مضاعفاتها إلى الوفاة في حال عدم التدخل السريع. وتُصنّف ضمن الحالات الحرارية الشديدة التي تستدعي رعاية فورية ومراقبة دقيقة للمؤشرات الحيوية.
وتتطور الحالة تدريجيًا ولكن بسرعة لافتة، حيث تبدأ بضعف عام ودوخة، يليها شعور بالخمول أو انفعال مفرط قد يصل إلى التشنجات والهذيان، وقد تظهر علامات اضطراب في الإدراك والسلوك، مثل التلعثم أو فقدان التركيز، مما يُنذر بتدهور عصبي خطير.
وفي مراحل متقدمة، قد يفقد المصاب وعيه بالكامل، ويصل إلى حالة غيبوبة، مع ارتفاع حرارة الجسم إلى 40 درجة مئوية أو أكثر، وجفاف الجلد وسخونته، وضعف النبض، واضطرابات في التنفس، وغثيان وتقيؤ، نتيجة تأثر الدماغ بشكل مباشر بفرط الحرارة، مما يُهدد الحياة بشكل مباشر.
وفي هذا السياق، تُوصي الأخصائية بضرورة اتخاذ إجراءات وقائية فعالة، أبرزها تجنب التعرض المباشر لأشعة الشمس في أوقات الذروة، وارتداء ملابس خفيفة وفاتحة اللون، واستخدام واقيات الشمس، وشرب كميات كافية من الماء بشكل منتظم، للحفاظ على توازن السوائل في الجسم، وتفادي الجفاف الذي يُفاقم الأعراض.
كما تنصح بالانتقال فورًا إلى مكان مظلل وبارد، وتبريد الجسم باستخدام الماء أو الكمادات الباردة عند ظهور الأعراض الأولية، مع ضرورة طلب المساعدة الطبية العاجلة دون تأخير، لتفادي المضاعفات الخطيرة التي قد تُهدد الحياة، خاصة لدى الأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب أو ارتفاع ضغط الدم.
من جهة أخرى، يُعد التمييز بين ضربة الحر وضربة الشمس أمرًا بالغ الأهمية في تقديم الإسعافات الأولية المناسبة، إذ تختلف طرق التدخل بحسب طبيعة الحالة. فبينما يُنصح في ضربة الحر بتهوية المكان وتبريد الجسم تدريجيًا، تتطلب ضربة الشمس تدخلًا طبيًا سريعًا ومباشرًا لتفادي المضاعفات العصبية والقلبية، وقد تستدعي النقل الفوري إلى المستشفى.
وتُبرز هذه الحالات أهمية تعزيز الوعي الصحي لدى المواطنين، خاصة في ظل التغيرات المناخية المتسارعة التي تُضاعف من احتمالات التعرض لمثل هذه الحالات الحرارية، وتُفاقم من آثارها على الصحة العامة، خصوصًا في المناطق الحضرية ذات الكثافة السكانية العالية، والمناطق التي تفتقر إلى البنية التحتية الصحية الملائمة.
كما يُوصى بإدماج التثقيف الحراري ضمن الحملات الصحية الصيفية، وتوفير نقاط إسعاف أولي مجهزة في الأماكن العامة والمناطق السياحية، إلى جانب تدريب العاملين في القطاع الصحي على التعامل السريع والفعال مع الحالات المرتبطة بفرط الحرارة، بما يُسهم في تقليص معدلات الخطر والوفيات، وتحسين الاستجابة الطبية في حالات الطوارئ المناخية.