
هومبريس – ي فيلال
في تطور حقوقي لافت، وجّه المركز المغربي لحقوق الإنسان مراسلة رسمية إلى عامل إقليم بني ملال، يطالب فيها بفتح تحقيق عاجل بشأن شروع أحد الأشخاص في إقامة مشروع لصناعة الفحم الخشبي “الفاخر” وسط منطقة فلاحية وسكنية بدوار آيت يعقوب التابع للجماعة الترابية دير القصيبة، وذلك على خلفية مخاوف بيئية وصحية أثارها سكان المنطقة.
في هذا السياق، عبّر عدد من سكان دوار آيت يعقوب بمنطقة مزريان عن رفضهم القاطع لهذا المشروع، الذي وصفوه بـ”الملوث والخطير”، بالنظر إلى اعتماده على إحراق الأخشاب وتحويلها إلى فحم، وما ينجم عن ذلك من انبعاثات كثيفة للدخان والغازات السامة، في منطقة تعتمد على النشاط الفلاحي وتعيش فيها عائلات بشكل دائم.
من جهة أخرى، أشار المركز الحقوقي إلى أن الساكنة تعيش على وقع موجة من الاستياء والخوف، خاصة بعد تداول أنباء تفيد بحصول صاحب المشروع على التراخيص اللازمة، وهو ما أثار تساؤلات حول مدى احترام المعايير القانونية والبيئية، خصوصًا في ما يتعلق بحماية صحة المواطنين وضمان حقهم في بيئة سليمة، كما ينص على ذلك الفصل 31 من دستور المملكة، والمواثيق الدولية ذات الصلة.
وفي هذا الإطار، دعا المركز المغربي لحقوق الإنسان إلى إيفاد لجنة تحقيق وتقصٍّ للوقوف على حقيقة المشروع وطبيعته، والتأكد من مدى احترامه للضوابط القانونية والبيئية، مع التماس اتخاذ الإجراءات الإدارية اللازمة لوقف المشروع في حال ثبتت مخالفته، حمايةً لصحة المواطنين وتفاديًا لأي أضرار محتملة على البيئة والأنشطة الفلاحية المجاورة.
البيئة كحق دستوري ومطلب مجتمعي
علاوة على ذلك، يُسلّط هذا الملف الضوء على أهمية تفعيل الحق في بيئة سليمة، باعتباره من الحقوق الأساسية التي يكفلها الدستور المغربي والمواثيق الدولية ذات الصلة.
فالمشروع، إن تم دون دراسة بيئية معمقة ومستوفية للشروط القانونية، يُهدد السلامة الصحية للمواطنين، ويُعرّض المجال الفلاحي للتلوث الهوائي والتربة، مما يُبرز الحاجة إلى آليات رقابة صارمة تُراعي البعد البيئي في منح التراخيص، وتُشرك الجهات المختصة في تقييم الأثر البيئي والاجتماعي قبل الشروع في أي نشاط صناعي داخل المناطق السكنية والزراعية.
المجتمع المدني كقوة اقتراح و مراقبة
في ضوء ذلك، يُجسّد تدخل المركز الحقوقي نموذجًا فعّالًا لدور المجتمع المدني في رصد التجاوزات البيئية، والترافع من أجل العدالة المجالية، عبر آليات مؤسساتية وقانونية.
فالمراسلة تُعبّر عن يقظة مجتمعية متزايدة، تُطالب بالشفافية في تدبير المشاريع، وتُكرّس ثقافة المساءلة والمشاركة المواطنة، بما يُعزّز من التوازن بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة، ويُعيد الاعتبار للمواطن كفاعل أساسي في رسم السياسات المحلية، ويُحفّز السلطات على احترام المعايير البيئية والصحية في كل المشاريع ذات الطابع الصناعي أو التحويلي.