
هومبريس – م أبراغ
في أعقاب “مسيرة الكرامة” التي نظّمتها ساكنة آيت بوكماز للمطالبة بحقهم في التنمية و الخدمات الأساسية، أعلنت فعاليات المجتمع المدني عن تنظيم لقاء تواصلي هام يوم الخميس 17 يوليوز 2025، بمشاركة وفد يمثل الساكنة إلى جانب عدد من الشخصيات و المسؤولين، في خطوة تُجسّد روح المبادرة و التنسيق المحلي، و تعكس رغبة جماعية في فتح قنوات التواصل مع الجهات المعنية.
في هذا السياق، يُعد اللقاء ثمرة مجهودات جماعية ومسار تشاوري متواصل بين أبناء المنطقة، و يهدف إلى فتح حوار مباشر مع السلطات المختصة، من أجل عرض الإشكالات التنموية التي تُعيق تحسين ظروف العيش، و على رأسها ضعف البنية التحتية، نقص المرافق الصحية و التعليمية، غياب الدعم الإجتماعي، إضافة إلى غياب رؤية تنموية شاملة رغم المؤهلات الطبيعية و السياحية التي تزخر بها المنطقة، و التي لم تُستثمر بالشكل المطلوب حتى الآن.
من جهة أخرى، أكدت فعاليات المجتمع المدني أن هذا اللقاء يُمثل محطة مفصلية للتفاعل الجاد مع مطالب الساكنة، و إتخاذ خطوات عملية تُكرّس العدالة المجالية و الكرامة الإجتماعية، في ظل التزام السلطات الإقليمية بالإستجابة التدريجية لبعض المطالب الأساسية، من بينها تعيين طبيب قار، إطلاق أشغال الربط بالإنترنت، و تخصيص فضاءات رياضية لفائدة الشباب، و هي إجراءات أولية تُنتظر ترجمتها إلى مشاريع مستدامة.
من الإحتجاج إلى الحوار المؤسسي
علاوة على ذلك، يُبرز الإنتقال من المسيرة الإحتجاجية إلى اللقاء التواصلي نضجاً في التعاطي المدني مع قضايا التنمية، و يُكرّس ثقافة الحوار كآلية للترافع و التأثير، بعيداً عن التصعيد أو المواجهة.
كما يُعكس قدرة المجتمع المحلي على تنظيم ذاته، و صياغة مطالبه بشكل مؤسساتي يُراعي خصوصية المنطقة، و يُعزّز من فرص الإستجابة الرسمية، و يُمهّد الطريق نحو شراكة تنموية حقيقية بين المواطن و المؤسسات.
العدالة المجالية كمدخل لإعادة بناء الثقة
في ضوء ذلك، يُسلّط الملف المطلبي الذي حملته الساكنة الضوء على الحاجة إلى رؤية تنموية مندمجة تُراعي الخصوصيات الجغرافية و الإجتماعية، و تُكرّس مبدأ الإنصاف المجالي باعتباره مدخلاً أساسياً لتحقيق التنمية المتوازنة.
فالمطالب لا تتجاوز الحقوق الدستورية، بل تُعبّر عن رغبة جماعية في العيش الكريم، و الإنخراط في مسار تنموي عادل يُعيد بناء الثقة بين المواطن و الدولة، و يُعزّز من حضور المؤسسات في فضاءات الهامش، و يُرسّخ مفهوم الإنصاف الترابي الذي دعت إليه الخطب الملكية في أكثر من مناسبة.