
خلال يومين فقط، شهدت مدينة سوق السبت أولاد النمة تحوّلًا لافتًا في المشهد الحضري، بعدما قامت السلطات المحلية، بتنسيق مع شركة النظافة وأعوان الجماعة، بحملة مكثفة استهدفت تنظيف عدد من الأحياء، في مقدمتها حي الانبعاث، الذي تحوّل فجأة إلى فضاء نظيف ومنظم، خالٍ من الأوساخ والنفايات التي طالما شوّهت صورته.
التحرّك المفاجئ الذي جاء، بسبب زيارة عامل إقليم الفقيه بن صالح إلى جماعة سوق السبت، يوم الثلاثاء، لتدشين مشاريع إنمائية، تزامنًا مع احتفالات عيد العرش، كشف، بحسب عدد من المواطنين، أن المدينة تملك فعلا إمكانات بشرية ومادية قادرة على إحداث فرق واضح حين تتظافر الجهود وتُعطى الأوامر الواضحة، وهو ما يطرح سؤالًا مشروعًا لدى الساكنة: لماذا لا يتم اعتماد هذا المستوى من الالتزام والتعبئة في الحياة اليومية؟
فإذا كانت أحياء المدينة قادرة على الظهور بهذا الشكل اللائق في ظرف وجيز، فإن ذلك لا يعكس فقط إمكانيات الفرق الميدانية، بل يكشف أيضًا عن أن التقصير في الحفاظ على نظافة المدينة وتنظيم فضاءاتها ليس مردّه غياب الوسائل، بل غياب الإرادة المستدامة والرقابة اليومية.
وفي الوقت الذي أشاد فيه كثيرون بروح التفاني التي أظهرها عمال النظافة وأعوان الجماعة، انتقل النقاش المحلي إلى الاختلالات المزمنة التي تشكو منها المدينة، وعلى رأسها الوضع المهترئ لعدد من الشوارع الرئيسية التي تعاني من تشققات، حفر، اختناق مروري، وإنارة ضعيفة أو منعدمة، ناهيك عن التهميش الذي يطال أحياء بكاملها لا تطالها يد الصيانة ولا التطهير، ولا تتوفر على فضاءات خضراء أو ملاعب القرب.
مشهد الحملة التي استهدفت حي الانبعاث، بدا لكثيرين وكأنه نسخة مصغّرة من مدينة ممكنة، لولا أن هذا المشهد لا يظهر إلا عند حلول مسؤول كبير أو بمناسبة رسمية، ليعود كل شيء إلى سابق عهده بعد مرور “العاصفة”.
ويأمل السكان أن لا تكون هذه الحملة مجرد ردّ فعل ظرفي، بل انطلاقة لمسلسل جديد من المتابعة والتخطيط اليومي، يعيد للمدينة صورتها وكرامتها، في تناغم مع مطالب الساكنة التي لم تعد تتحمّل مزيدًا من اللامبالاة والفوضى التي تشوّه حياة الناس وتؤثر على جودة عيشهم.