الرئيسيةفن وثقافة

“الشوك والقَرنْفُل”.. رواية الألم

“الشوك والقَرنْفُل”رواية ليحيى السنوار قائد (حماس) في غزّة، والعقل المدبر لـ “طوفان الأقصى”.
يقول السنوار في مفتتح روايته: “هذه ليست قصتي الشخصية، وليست قصة شخص بعينه، رغم أن كل أحداثها حقيقية .. الخيال في هذا العمل فقط في تحويله إلى رواية”، ليخبرنا بهذا أنه قد اختار الرواية، كنوع أدبي، لسرد تاريخ المجتمع الفلسطيني الذي عاشه منذ أن وَعِي على الدنيا وحتى ختام روايته، وهي فترة تمتد من حرب 1967 وحتى انتفاضة الأقصى 2000، وتغوص أحيانًا، على سبيل الاستدعاء والاستشهاد والتأصيل، أبعد في الزمن حتى النكبة في 1948. ( الجزيرة نت) د. عمار علي حسن ** كاتب وباحث في علم الاجتماع السياسي).
…………………………………………………………………………………………………………………………
*مصطفى بوتلين:

الشمس تميل بأشعتها ناثرة نهارًا حارقًا، ملفوفًا في سواده. تلقفتني هديتان، الأولى من مكة والثانية من قلب فلسطين. غزة مدينة السنوار، مهندس طوفان الأقصى. الهدية الثانية كانت طاقية بيضاء وسبحة. الهدية الفلسطينية كانت رواية “سيرة فلسطين” من خلال حياة أحمد السنوار، مزداد سنة 1961، حاصل على الإجازة في اللغة العربية وآدابها، وكذلك في الآداب الإسلامية من جامعة شمس بغزة. كتبها في سجن بئر السبع وأنهاها سنة 2004. سنعرضها بين ناظريكم فصولًا متتالية. لنبدأ بالفصل الأول:

الرواية تحمل عنوان “الشوك والقرنفل”. في فصلها الأول، يسترجع السنوار السنوات الأولى من عمره بدءًا من النزوح نحو مخيم الشاطئ بغزة إلى هزيمة 1967. كيف توزعت يوميات الطفولة بين الجد والعم والأب والأخت والأم وابن العم وزوجة العم.

بيوت واطئة تقاوم سيول الشتاء بسواعد الأمهات، بينما الأب والعم على جبهة القتال، يغيبان ويحضرون. الزنك يغطي فناء المنزل، والأواني تعرض لمقاومة تشكل ضبابات صغيرة تغزو كل شيء.. محنة العيش ومحنة الحرب، الجنود المصريون في الثكنات يتبرعون للأطفال ببعض الفستق.

فجأة، يعم الهلع وتفتر عزيمة الصمود بسبب أخبار غير سارة عن الحرب. يختفي الجنود المصريون من ثكناتهم، ورجال العائلة الذين ذهبوا للحرب. لا تصل عبر الجيران المذياع المصري مهزومًا، مسحت منه تلك العبارات الهائجة “سنرمي اليهود في البحر” (حرب 1967).

تحل سيارات جيب عليها علم مصري في قلب المخيم، تأمر الرجال فوق ثمانية عشر سنة بالخروج ثم يقتلون بالرصاص. تغير سيارات الجيب العلم المصري ويعوض بالعلم الإسرائيلي (خدعة الحرب). يرفع البوق مدويًا من جديد على الرجال الالتحاق بالمدرسة التي كانت ثكنة للجيش المصري. يلقي عليهم ضابط مخابرات إسرائيلي مكلف بالقطاع الأمني كلمة: لا أحد سيؤذى وعليهم الرجوع ولزوم الانضباط في بيوتهم.

يدوي البوق مرة أخرى كلما عبر أحد الفلسطينيين قرب السيارة، فيقتل من شك فيه وهو يصد الوجه للحائط ويسدد صوبه من طرف رماة بالبندقية.

هكذا كان حال هزيمة 1967 في غزة: فرار الجيش المصري من المدارس/الثكنات وتحويلها إلى ساحات إعدام للفلسطينيين المشكوك فيهم. وموت الآباء والشباب الفلسطينيين في الحرب ونجاة قلة قليلة مأمورة بالاستسلام وطاعة أوامر الجنود الإسرائيليين.

****

كتب السنوار روايته هذه في السِّجن، الذي قضى فيه ثلاثة وعشرين عامًا بعد أحكام بالسَّجن المؤبد، إثر اتهامه بالتخطيط لاختطاف وقتل جنديين إسرائيليين، وقتل أربعة فلسطينيين كانوا عملاء للاحتلال.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق