
هومبريس – ي فيلال
مع بداية كل صيف، تتكرّر في المغرب مشاهد الغرق المؤلمة التي تخطف أرواح أطفال و شباب في عمر الزهور.
ورغم تنوّع الأماكن من السدود و الوديان إلى الشواطئ يبقى القاسم المشترك هو الإفتقار إلى الوعي، و غياب فضاءات سباحة آمنة، و تقصير في الحماية الوقائية.
تُجمع تقارير إعلامية موثوقة على أن عشرات الضحايا يُسجّلون سنوياً، خصوصاً في السدود و البحيرات القروية حيث لا وجود لمراقبين أو وسائل إنقاذ، ما يجعل السباحة فيها مقامرة بالحياة.
والمفارقة أن تلك المياه الراكدة، التي تبدو ساكنة و خالية من الخطر، غالباً ما تخفي أوحالاً كثيفة و تيارات سفلية تسحب الضحية بصمت.
وتُعد شواطئ الشمال و الأطلسي مثل طنجة و الجديدة من أكثر المناطق تسجيلاً لحوادث الغرق، رغم وجود منقذين، و هو ما يُبرز محدودية تغطية المراقبة و ضرورة إعادة النظر في تدبير السلامة البحرية.
السلطات المحلية، ومعها فعاليات مدنية، تبذل جهوداً سنوية لإطلاق حملات تحسيسية موجهة للمواطنين.
من بين أبرز الرسائل التي تم الترويج لها هذا العام :
“البحر ماشي ملعب… و خسارة العمر ما كتتداركش”—و هي دعوة للإحترام التام لإشارات التحذير و عدم السباحة في الأوقات الخطرة أو الأماكن الممنوعة.
غير أن هذه الحملات تظل ظرفية في معظم الأحيان، ما يدفع جمعيات محلية للمطالبة بإدماج ثقافة السلامة المائية ضمن البرامج التربوية، و تكوين الناشئة على مبادئ السباحة الآمنة، و الإسعافات الأولية، و مهارات التصرف عند الطوارئ.
كما دعا مختصون إلى تأهيل سدود و وديان مختارة لتصبح مناطق سباحة منظمة و آمنة، بدل تركها فضاءات للمغامرة، في إنتظار توفير مسابح جماعية في المناطق القروية المحرومة.
وتشمل أبرز التوصيات العملية لتفادي تكرار المآسي :
– تجنّب السباحة في أماكن غير محروسة أو مجهولة العمق.
– عدم ترك الأطفال دون رقابة، حتى وإن كانوا قرب شاطئ ظاهر الأمان.
– الإنتباه إلى تغيّر الأمواج و التيارات البحرية المفاجئة.
– التبليغ عن النقاط السوداء التي تتكرّر فيها الحوادث لإتخاذ التدابير اللازمة.
في النهاية، يبقى الماء مصدر حياة ومتعة، لكنه في غياب الوعي، و التأطير، و التجهيزات الوقائية، يتحوّل إلى فخ صامت وقاتل لا يُعطي فرصة ثانية.
ولتفادي تكرار المآسي، نحتاج إلى يقظة جماعية، و إستثمار حقيقي في السلامة المائية، و تربية وقائية تبدأ من المدرسة ولا تنتهي عند الشاطئ.