
هومبريس – ح رزقي
في ظل موجة حرّ غير مسبوقة و تقلّبات مناخية متسارعة، تشهد مناطق متفرقة من المملكة المغربية إنتشاراً مقلقاً للعقارب و الأفاعي، ما أثار حالة من القلق في صفوف السكان، خصوصًا في القرى و المناطق الجبلية التي تفتقر إلى التجهيزات الطبية الكافية.
ومع حلول فصل الصيف، تتزايد حالات التعرّض للسعات و لدغات هذه الزواحف السامة، التي قد تُفضي إلى مضاعفات صحية خطيرة، خاصة لدى الأطفال و كبار السن.
تشير معطيات رسمية إلى تسجيل أكثر من 25 ألف حالة تسمم بلدغات العقارب سنوياً، إلى جانب مئات الإصابات بلدغات الأفاعي، ما يجعل الظاهرة مصدر تهديد حقيقي للصحة العامة.
وتُعد جهات مثل بني ملال خنيفرة، مراكش آسفي، و سوس ماسة من بين الأكثر تضرراً، حيث تتكرر الحوادث سنويًا في ظل غياب الأمصال أو تأخر التدخل الطبي.
ويرى خبراء البيئة أن هذا الإنتشار يعود إلى ارتفاع درجات الحرارة و تراجع الغطاء النباتي، ما يدفع هذه الكائنات إلى مغادرة جحورها بحثاً عن الغذاء و الماء.
كما أن الإمتداد العمراني العشوائي و غياب التوازن البيئي ساهم في اقتراب العقارب و الأفاعي من التجمعات السكنية، خاصة في المناطق التي تشهد تدهوراً في التنوع البيولوجي.
في هذا السياق، أطلقت مندوبيات الصحة في عدد من الأقاليم حملات تحسيسية و توعوية، شملت توزيع منشورات في الأسواق والمدارس، و تنظيم لقاءات ميدانية لفائدة الساكنة، إلى جانب تكوينات خاصة للأطر الصحية حول كيفية التعامل مع حالات التسمم.
وتوصي الجهات المختصة بإتباع إجراءات وقائية بسيطة لكنها فعالة، مثل تجنّب النوم على الأرض، إغلاق الشقوق في الجدران، إرتداء أحذية مغلقة في المناطق الزراعية، و الإبتعاد عن الزواحف دون محاولة قتلها.
كما يُشدد على ضرورة التوجه الفوري لأقرب مركز صحي في حال التعرّض للدغة، و تفادي اللجوء إلى العلاجات التقليدية التي قد تُفاقم الوضع.
من جهة أخرى، يُطالب فاعلون جمعويون بضرورة تعزيز البنية الصحية في المناطق القروية، و توفير الأمصال بشكل دائم في المراكز الصحية، إلى جانب دعم البحث العلمي حول سلوك هذه الزواحف و طرق مكافحتها بوسائل بيئية مستدامة.
كما يُسلّط هذا الوضع الضوء على الحاجة إلى إستراتيجية وطنية شاملة للتعامل مع الأخطار البيئية المرتبطة بالتغير المناخي، تشمل التوعية، الوقاية، و التدخل السريع، بما يضمن حماية الأرواح و يُعزّز الأمن الصحي في مختلف جهات المملكة.