
هومبريس – ع ورديني
في مشهد يفيض بالرمزية و التأمل، احتفلت رواندا، أمس الجمعة، بالذكرى الحادية و الثلاثين لـ”يوم التحرير الوطني”، الذي يُخلّد استعادة العاصمة كيغالي في 4 يوليوز 1994، و نهاية واحدة من أفظع المآسي الإنسانية في القرن العشرين : الإبادة الجماعية ضد التوتسي.
وتوزعت فعاليات الإحتفال على مختلف أنحاء البلاد، حيث نُظمت أنشطة ثقافية و مجتمعية، إلى جانب إطلاق مشاريع تنموية في مجالات الصحة و التعليم و البنيات التحتية، في تجسيد حيّ لفلسفة “التحرير المستمر” التي تتبناها الدولة الرواندية.
وفي كلمة مؤثرة ألقاها بالمناسبة، شدد الرئيس بول كاغامي على أن يوم التحرير ليس مجرد محطة تاريخية، بل مسار متجدد نحو الحرية و الكرامة و التنمية.
وقال : “التحرير لم يكن لحظة عابرة، بل هو التزام دائم بمحاربة الفقر، و تعزيز العدالة الإجتماعية، و بناء وطن يتسع للجميع”.
من جراح الماضي إلى مشروع وطني للمصالحة
يُعد يوم 4 يوليوز 1994 لحظة مفصلية في تاريخ رواندا، حيث تمكنت “الجبهة الوطنية الرواندية” بقيادة كاغامي من وضع حد للإبادة الجماعية التي أودت بحياة أكثر من 800 ألف شخص خلال مئة يوم فقط.
ومنذ ذلك الحين، شرعت البلاد في مسار مصالحة وطنية غير مسبوق، ارتكز على العدالة الإنتقالية، و إعادة بناء النسيج المجتمعي، و تحقيق تنمية شاملة.
رواندا لاعب إقليمي في السلام و الإستقرار
في سياق إقليمي متقلب، عبّر الرئيس كاغامي عن التزام بلاده بالسلام و الإستقرار في منطقة البحيرات الكبرى، مشيراً إلى إتفاق السلام الذي وقعته رواندا مؤخراً مع جمهورية الكونغو الديمقراطية في واشنطن نهاية الشهر الماضي.
هذا التوجه يعكس تحوّل رواندا من دولة خارجة من حرب أهلية إلى فاعل إقليمي يسعى إلى تصدير نموذجها في المصالحة و التنمية.
ويُعد “يوم التحرير” في رواندا أكثر من مجرد ذكرى، بل هو مناسبة لتجديد العهد مع قيم الوحدة، و العدالة، و النهضة، في بلد استطاع أن يحوّل جراحه إلى قوة دافعة نحو المستقبل.